التصانيف. وأبو محمد بن اللبان الاصبهاني. قال الخطيب: وكان أحد أوعية العلم.
[سنة سبع واربعين واربع مائة]
فيها توفي أبو عبد الله القادسي الحسين بن أحمد البغدادي. وفيها توفي قاضي القضاة ابن ماكولا: الحسين بن علي العجلي الشافعي. قال لخطيب: لم نر قاضياً أعظم نزاهة منه. وفيها توفي حكم بن محمد الجذامي، وأبو القاسم التنوخي، وابن سلوان. وفيها توفي أبو الفتح السليم بن أيوب بن سليم الرازي: الفقيه الإمام الشافعي المفسر لأديب: صاحب التصانيف. كان رأساً في العلم والأدب والعمل، يشار إليه في الفضل والعبادة. ومن تصانيفه كتاب الإشارة في الفروع وكتاب غرائب الحديث وكتاب التقريب، وليس هو التقريب الذي نقل عنه إمام الحرمين في النهاية، وحجة الإسلام في البسيط والوسيط، فإن ذلك للقاسم بن القفال الشاشي. أخذ سليم الفقه عن الشيخ أبي حامد لاسفرائيني، وأخذ عنه أبو الفتح الشيخ نصير بن ابراهيم المقدسي. وقال سليم: دخلت بغداد في بدايتي في طلب علم اللغة، فكنت آتي شيخا هناك، فذهبت في بعض الأيام إليه، قيل لي: هو في الحمام، ومضيت نحوه، فمررت في طريقي على الشيخ ابي حامد الاسفرائيني - وهو يملي - فدخلت المسجد، وجلست مع الطلبة، فوجدته يشرح في كتاب أصيام في مسألة إذا أولج ثم أحس بالفجر فنزع، فاستحسنت ذلك، فعلقت الدرس على ظهر جزء كان معي، فلما عدت إلى منزلي جعلت أعيد الدرس مخلى بي، وقلت: أتم هذا الكتاب يعني - كتاب الصيام فعلقته، ولزمت الشيخ أبا حامد حين علقت منه جميع التعليق - يعني كتابه - وكان لا يخلو له وقت من اشتغال، حتى أنه كان إذا برأ القلم قرأ القرآن، أو سبح، أو قال: وسبح. وكذلك إذا كان ماراً في الطريق، كما تقدم في ترجمته، وغير ذلك من الأوقات التي لا يمكن الاشتغال فيها بعلم. قلت: وهذا مما يدلك على اهتمام هذا الإمام على استغراق أوقاته بالنفع بالعلم لوجه الله تعالى، والعمل به في طاعاته، وهذا عزيز جداً من أهل العلم. وأحوال الناس في ذلك مختلفة، فبعضهم كان يرخي بينه وبين أصحابه ستراً، وبعضهم يذكر بالقلب سراً، وبعضهم يأتي بالذكر جهراً. وإرخاء الستر قد روي عن بعض المشايخ وعن بعض أهل العلم أيضاً: وهو أبو الحسن الباهلي شيخ القاضي أبي بكر الباقلاني في علم الأصول: وقد يكون في إرخاء الستر