مخبرة، ولا قوة اعتقاد قويم تحمله على حسن الظن والتسليم، ولعمري من خلاص هذين المذكورين، فهو بمعزل عن نهجهم، واعتقاد فضلهم المشكورين واقع لا محللة في ذمهم، وسوء الظن بهم المذمومين، توفي الفخر رحمه الله تعالى في ثامن ذي الحجة وقد نيف السبعين، وقبره في قرافة مصر مزور شهير، وهو ممن روى عن الإمام السلفي الكبير.
[سنة ثلاث وعشرين وست مائة]
فيها سار الملك الأشرف إلى أخيه المعظم وأطاعه وسأله أن يكاتب جلال الدين خوارزم شاه ليحمل جنده عليه ليترحل عن خلاط، فكتب إليه، فترحل عنها، وكان المعظم يلبس خلعة جلال الدين ويركب فرسه، وإذا خاطب الأشرف حلف وحياة رأس السلطان جلال الدين، فيتألم بذلك.
وفيها حارب جلال الدين المذكور التركمان، ومزقهم، ثم التقى الكرج فهزمهم وأخذ التفليس بالسيف، وكانت إذ ذاك دار ملكهم بها في أيديهم أكثر من مائة سنة.
وفيها توفي أبو العز مظفر بن إبراهيم العيلاني بالعين المهملة الشاعر المشهور المصري، كان أدبيًا عروضيًا، شاعرًا مجيدًا، صنف في العروض تصنيفًا مختصرًا جيدًا دل على حذقه، وله ديوان شعر رائق، وكان ضريرًا، وفي ذلك قال:
قالوا: عشقت وأنت أعمى ... ظبيًا كحيل الطرف ألمًا
وحلاه ما عاينتها ... فيقول قد شغفتك وهمًا
فأجبت إني موسوي ... العشق أنسًا وفهمًا
أهوى بجارحة السماع ... ولا أرى ذاك المسمى
ولما عاد الوزير صفي الدين بن شكر من الشام إلى مصر خرج أصحابه للقائه الخشبي المنزلة الرفيعة المعروفة، فكتب مظفر المذكور يعتذر إليه عن تأخره عن التقائه بهذه الأبيات:
قالوا إلى الخشبي سرنا على عجل ... نلقى الوزير جميعًا من ذوي الرتب
ولم تسر أيها الأعمى، فقلت لهم: ... لم أخش من تعب ألقى ولا نصب