وفيها توفي القاضي بكار بن قتيبة الثقفي، يرجع في نسبه إلى الحارث بن كلدة الثقفي الصحابي، كان بكار حنفي المذهب، تولى القضاء بمصر، وله مع ابن طولون صاحب مصر وقائع، وكان يدفع إليه كل سنة ألف دينار، غير المقرر له، فيتركها بختمها، ولا يتصرف فيها، فدعاه إلى خلع الموفق ابن المتوكل من ولاية العهد، وهو والد المعتضد، فامتنع القاضي بكار من ذلك، فاعتقله ابن طولون، ثم طالبه بجملة المبلغ الذي كان يأخذه كل سنة، فحمله إليه بختمه، وكان ثمانية عشر كيساً، فاستحيي أحمد منه، وكان يظن أنه أخرجها، وأنه يعجز عن القيام بها، فلهذا طالبه، وأمره أن يسلم القضاء إلى محمد بن شاذان الجوهري، ففعل وجعله كالخليفة له، وبقي مسجوناً مدة سنين، وكان يحدث في السجن من طاق فيه، بعد أن استأذن أصحاب الحديث، وشكوا إلى ابن طولون انقطاع السماع، وكان ابن بكار أحد البكائين والتالين لكتاب الله عز وجل، وكان إذا فرغ من الحكم حاسب نفسه، وعرض عليه القصص التي حكم فيها، ويقول: يا بكار ما يكون جوابك غداً؟. وتوفي مسجوناً وهو باق على القضاء رحمة الله عليه.
[إحدى وسبعين ومائتين]
كان ابن طولون قد خلع الموفق من ولاية العهد ومات، وقام بعده ابنه خمارويه على ذلك، فجهز الموفق ولده أبا العباس المعتضد في جيش كثير، وولاه مصر والشام. فسار حتى نزل بفلسطين، وأقبل خمارويه، فالتقى الجمعان بفلسطين، وحمي الوطيس، حتى جرت الأرض بالدماء، ثم انهزم خمارويه إلى مصر، ونهبت خزائنه، وكان سعد الأعسر كميناً لخمارويه، فخرج على المعتضد وجيشه، وهم غازون، فأوقعوا به، فانهزموا حتى وصلوا طرسوس في نفر يسير، وذهبت أيضاً خزائنه، حواها سعد وأصحابه.
وفي السنة المذكورة توفي عباس بن محمد الحافظ أبو الفضل مولى بني هاشم. ومحمد بن حماد الظهراني الرازي الحافظ. ويوسف بن سعيد الحافظ محدث المصيصة.
وفيها توفيت بوران بنت الحسن بن سهل، زوجة المأمون، وقد تقدم ذكر زواجها منه، وما عمل أبوها من الولائم والنثار والإنفاق في عرسها في سنة اثنتين ومائتين، ولم تزل