عليه. وفيها توفي صاحب سنجار الملك عماد الدين زنكي بن مودود، تملك حلب بعد ابن عمه الصالح اسماعيل، فسار صلاح الدين ونازله، ثم أخذ منه حلب وعوضه بسنجار، وكان عادلاً متواضعاً، وتملك بعده ابنه قطب الدين محمد. وفيها توفي قوام الدين يحيى بن سعيد الواسطي المعروف بابن الزياد صاحب ديوان الإنشاء ببغداد انتهت إليه رئاسة الترسل، مع معرفته بالفقه والأصول والكلام والنحو والشعر، أخذ عن ابن الجواليقي، وحدث عن القاضي الأرجاني وغيره، وولي نظر واسط، ثم ولي حجابة الحجاب.
[سنة خمس وتسعين وخمس مائة]
وفيها بعث الخليفة خلع السلطنة لخوارزم شاه. وفيها أخرج ابن الجوزي من سجن واسط وتلقاه الناس، وبقي في المطمورة خمس سنين. كذا ذكر الذهبي، ولم يبين لأي سبب سجن. وكنت قد سمعت فيما مضى أنه حبس بسبب الشيخ عبد القادر، بأنه كان ينكر عليه، وكان بينه وبين ابنه عداوة بسبب الإنكار المذكور. وأخبرني من وقف على كتاب له ينكر على قطب الأولياء. وتاج المفاخر الذي خضعت لقدمه رقاب الأكابر الشيخ محيي الدين عبد القادر - قدس الله تعالى روحه ونور ضريحه - وإنكار ابن الجوزي عليه وعلى غيره من الشيوخ أهل المعارف والنور من جملة الخذلان وتلبيس الشيطان والغرور. والعجب منه في انكاره عليهم وبمحاسنهم يطرز كلامه فقد ملأت - والحمد لله - محاسنهم الوجود، فلا مبالاة بذم كل مغرور وحسود. قال الذهبي: وفيها فتنة الفخر الرازي صاحب التصانيف. وذلك أنه قدم هراة، ونال إكراماً عظيماً من الدولة، فاشتد ذلك على الكرامية، فاجتمع يوماً هو والقاضي مجد الدين ابن القدوة، فناظرا، ثم استطال فخر الدين على ابن القدوة وشتمه، ونال منه ما خرج فيه إلى الإهانة له. فلما كان من الغد جلس ابن عم مجد الدين فوعظ الناس وقال: ربنا آمنا بما أنزلت، واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين، أيها الناس؛ ما نقول إلا ما صح عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وأما قول أرسطو أو كفريات ابن سينا وفلسفة الفارابي فلا نعلمها، فلأي شيء يشتم بالأمس شيخ من شيوخ الإسلام يذب عن دين الله؟ وبكى فأبكى الناس، وضجت الكرامية وثاروا من كل ناحية، وحميت الفتنة، فأرسل السلطان الجند وسكتهم، وأمر الرازي بالخروج. قلت: هكذا ذكر من المؤرخين من له غرض في الطعن