كأن الهام في الهيجا عيون ... وقد طبعت سيوفك من رقاد
وقد صغن الأسنة من هموم ... فما يخطرن إلا في فؤاد
[ثلاث وأربعين وثلاث مائة]
فيها توفي شيخ الكوفة أبو الحسن علي بن محمد بن محمد الشيباني. قال ابن حماد الحافظ: كان شيخ المصر، والمنظور إليه، ومختار السلطان والقضاة، صاحب جماعة وفقه وتلاوة.
[أربع وأربعين وثلاث مائة]
فيها توفي العلامة أبو الفضل القشيري البصري المالكي، صاحب التصانيف في الأصول والفروع.
وفيها توفي الإمام العلامة أبو بكر محمد بن أحمد المعروف بابن الحداد، شيخ الشافعية، صاحب التصانيف الحسنة المفيدة، ولد يوم وفاة المزني، وسمع من النسائي، وكان صاحب وجه في المذهب، متبحراً في الفقه، متفنناً في العلوم، معظماً في النفوس، وعاش ثمانين سنة، وكان يصوم صوم داود، ويختم في اليوم والليلة، وكان حداداً، صنف كتاب الفروع في المذهب، وهو كتاب صغير الحجم كثير الفائدة، تصدى جماعة من الأئمة الكبار لشرحه، كالقفال المروزي، والقاضي أبي الطيب الطبري، والشيخ أبي علي السجزي، قيل وشرحه أحسن الشروح. أخذ ابن الحداد الفقه عن أبي إسحاق المروزي، وكان فقيهاً محققاً غواصاً على المعاني، تولى القضاء بمصر، والتدريس والفتاوى، وكانت الرعايا تعظمه وتكرمه. وكان يقال في زمنه: عجائب الدنيا ثلاثة: غضب الجلاد، ولطافة ابن السماد، والرد على ابن الحداد.
وفيها توفي أبو النضر محمد بن محمد الطوسي الشافعي مفتي خراسان. كان أحد من اعتنى بالحديث، ورحل فيه، وصنف كتاباً على وضع مسلم، وكان قد جزأ الليل: ثلثاً للتصنيف، وثلثاً للتلاوة، وثلثاً للنوم. قال الحاكم: كان إماماً بارع الأدب، ما رأيت أحسن صلاة منه، كان يصوم النهار، ويقول بالليل، ويأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، ويتصدق بما فضل عن قوته.