وفيها توفي الإمام الحافظ علي بن حمشاذ بالشين والذال المعجمتين وبينهما ألف وفي أوله حاء مهملة مكسورة وميم مكسورة مشددة النيسابوري. رحل وطوف وصنف، وله سند كبير وتفسير. توفي فجأة في الحمام. قال أحمد بن إسحاق الضبعي: صحبت علي بن حمشاذ في الحضر والسفر، فما أعلم أن الملائكة كتبت عليه خطيئة.
وفيها توفي الفقيه الصالح محمد بن عبد الله بن دينار النيسابوري. قال الحاكم: كان يصوم النهار، ويقوم الليل، ويصبر على الفقر، ما رأيت في مشايخنا لأصحاب الرأي أعبد منه.
وفيها توفي الحسن أخو الوزير علي بن مقلة.
[تسع وثلاثين وثلاث مائة]
فيها دخل سيف الدولة بن حمدان بلاد الروم في ثلاثين ألفاً، فافتتح حصوناً، وسبى وغنم. فأخذت الروم عليه الدروب، واستولوا على عسكره قتلاً وأسراً، ونجا هو في عدد قليل، وتوصل من سلم بأسوأ حال.
وفيها أعادت القرامطة الحجر الأسود إلى مكانه، وكان بعض الأمراء قد دفع فيه لهم خمسين ألف دينار فأبوا.
وفيها توفي الحافظ أبو محمد، أحمد بن محمد الطوسي. قال الحاكم: كان أوحد عصره في الحفظ والوعظ، وأخرج صحيحاً على وضع مسلم.
وفيها توفي أبو عبد الله محمد بن عبد الله الأصبهاني. صنف في الزهد وغيره، وصحب العباد، وكان من أكبر الحفاظ حديثاً، قال الحاكم: هو محدث عصره، مجاب الدعوة، لم يرفع رأسه إلى السماء فيما بلغنا نيفاً وأربعين سنة.
وفيها توفي القاهر بالله أبو منصور محمد بن المعتضد العباسي.
وفيها توفي أبو نصر، محمد بن محمد التركي الفارابي الحكيم المشهور، صاحب التصانيف في المنطق والموسيقى وغيرهما من العلوم. قيل: هو أكبر فلاسفة المسلمين، لم يكن فيهم من بلغ رتبته في فنونه، والرئيس أبو علي بن سينا بكتبه تخرج، وبكلامه انتفع في تصانيفه. خرج أبو نصر المذكور من بلده، ولم يزل تنتقل به الأسفار إلى أن وصل إلى بغداد وهو يعرف اللسان التركي وعدة لغات غير العربي، فشرع في اللسان العربي،