وفيها توفي عماد الدولة أبو الحسن علي بن بويه الديلمي بضم الموحدة وفتح الواو وسكون المثناة من تحت والهاء. كان أبوه صياداً، ليست معيشته إلا من صيد السمك وكانوا ثلاثة إخوة: عماد الدولة، وركن الدولة، ومعز الدولة، والجميع ملكوا، وكان عماد الدولة وهو أكبرهم سبب سعادتهم وانتشار صيتهم، واستولى على البلاد وملوك العراقين والأهواز وفارس، وساسوا أمور الرعية أحسن سياسة، ثم لما ملك عضد الدولة بن ركن الدولة، اتسعت مملكته، وزادت على ما كانت لأسلافه.
وذكر هارون بن العباس المأموني في تاريخه: أن عماد الدولة المذكور اتفقت له أسباب عجيبة، كانت سبباً لثبات مملكته، منها أنه اجتمع أصحابه في أول ملكه، وطالبوه بالأموال، ولم يكن معه ما يرضيهم، وأشرف على الانحلال، فاغتم لذلك. فبينا هو يفكر قد استلقى على ظهره في مجلسه، إذ رأى حية خرجت من موضع من سقف من ذلك المجلس، ودخلت في موضع آخر منه، فخاف أن يسقط عليه، فدعا الفراشين، وأمرهم بإحضار سلم وأن تخرج الحية، فلما صعدوا وبحثوا عن الحية، وجدوا ذلك السقف يفضي إلى غرفة بين سقفين، فعرفوه ذلك، فأمرهم بفتحها، ففتحت، فوجد فيها عدة صناديق من المال والصياغات، قدر خمسمائة ألف دينار، فحمل المال إلى بين يديه، فسر به فأنفقه في رجاله، وثبت أمره بعد أن كان قد أشفى على الانخرام، ثم إنه قطع ثياباً، وسأل عن خياط حاذق، فوصف له خياط كان لصاحب البلد فأمر بإحضاره وكان أطروشاً فوقع له أنه قد سعي به إليه في وديعة كانت عنده لصاحب البلد، وأنه طلبه لهذا السبب، فلما خاطبه حلف أنه ليس عنده إلا اثني عشر صندوقاً لا يدري ما فيها، فعجب عماد الدولة من جوابه ووجه معه من حملها، فوجدوا فيها أموالاً وثياباً بجملة عظيمة، وكانت هذه من الأسباب الدالة على قوة سعادته، ثم تمكنت حاله، واستقرت فيها قواعده.
وفيها توفي أبو جعفر النحاس أحمد بن محمد النحوي المصري. ناظر ابن الأعرابي ونفطويه، وله تصانيف كثيرة مفيدة منها:" تفسير القرآن الكريم "، و " كتاب إعراب القرآن " و " كتاب الناسخ والمنسوخ "، و " التفاحة " في، النحو و " كتاب في الاشتقاق "، و " تفسير أبيات سيبويه "، ولم يسبق إلى مثله، وفسر عشرة دواوين وأملاها، و " كتاب في شرح المعلقات السبع "، و " كتاب طبقات الشعراء " وغير ذلك، وهي بضعة عشر مصنفاً، مما يتعلق بالنحو والأدب، ونحو ذلك مما يرجع إلى العربية.