وفيها توفي حفص بن عبد الرحمن البلخي، كان ابن المبارك يزوره ويقول، اجتمع فيه الفقه والوقار والورع.
[سنة مائتين]
فيها توفي أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل بن مسلم المدني الحافظ رحمه الله تعالى. وفيها على القول الصحيح توفي الولى الكبير العارف بالله الشهير المجتبي المقرب الترياق المجرب مطلع الأنوار ومنبع الأسرار مظهر الآيات ومقر الكرامات العلية والأحوال السنيه أبو محفوظ معروف الكرخي، من موالي علي بن موسى الرضا وكان أبواه نصرانيين فأسلماه إلى مؤدب وهو صبي وكان المؤدب يقول له: قل ثالث ثلاثة فيقول معروف: بل هو الله الواحد القهار، فضربه المعلم يوماً على ذلك ضرباً مبرحاً فهرب منه، وكان أبواه يقولان ليته يرجع إلينا على أي دين شاء فنوافقه عليه، ثم إنه أسلم على يدي علي بن موسى الرضا، ورجع إلى أبويه، فدق الباب فقيل له: من بالباب؟ فقال: معروف، فقل: على أي دين؟ فقال: على الإسلام، فأسلم أبواه، وكان مشهوراً بإجابة الدعوة، وأهل بغداد يستسقون بقبره، ويقولون: قبر معروف ترياق مجرب. وكان السري تلميذه، فقال له يوماً: اذا كانت لك حاجة إلى الله تعالى فأقسم عليه بي. وأتاه مرة بإنسان إلى دكانه وأمره أن يكسوه فكساه، فقال معروف بغض الله اليك الدنيا، فقام من مجلسه ذلك وقد بغضت إليه الدنيا. وأتت امرأةً إلى معروف في بغداد وهي حزينة على ولد لها صغير ضاع، وقد سألته أن يدعو لها بردة عليها، فقال: اللهم إن السماء سماؤك، والأرض أرضك، وما بينهما لك فاحفظه واردده على أمه، او كما قال في دعائه، فإذا به قد جاء، فقالت له أمه: اين كنت؟ فقال: كنت الساعة في باب الأنبار. وقال السري: رأيت معروفاً في النوم كأنه تحت العرش، والباري جلت قدرته يقول للملائكة: من هذا؟ وهم يقولون: انت أعلم يا رب منا، فقال هذا معروف الكرخي، سكر من حبي، فلا يفيق إلا بلقائي.