للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مدة، ثم برز عبد الرحمن ليكبس المريني، فلم يتم له ذلك، فطال عليه الحصار حتى دخلت البلد عليه عنوة، فقاتل على حصانه، حتى قتل في رمضان كهلاً.

[سنة ثمان وثلاثين وسبع مائة]

فيها توفي الصالح المسند أبو بكر بن محمد بن الرضي الصالحي القطان، عن تسع وثمانين سنة، سمع حضوراً من خطيب برداً، وعبد الحميد بن عبد الهادي، وسمع عبد الله بن الخشوعي، وابن خليل ابن البرهان، وتفرد، وأكثروا عنه كان له إجازة السبط وجماعة.

وفيها مات في حماة قاضيها صاحب السيرة السديدة، والمحاسن الحميدة، والفضائل العديدة، والتصانيف المفيدة شرف الدين هبة الله ابن القاضي نجم الدين عبد الرحيم القاضي شمس الدين إبراهيم ابن البارزي الجهني الشافعي عن ثلاث وتسعين سنة، روى عن جده وغيره، وله إجازة من جماعة منهم الكمال الضرير، وكان إماماً قدوة مصنفاً، صاحب فنون، وإكباب على العلم والصلاح، وتواضع حسن، وصحة ذهن تخرج الأصحاب، وانتفع به وأفاد. قال الذهبي: وبلغ رتبة الاجتهاد.

قلت: وكتب إلي في آخر عمره يستشيرني في المجاورة في الحرم الشريف إلى الموت، ثم أدركته المنية على القرب.

ومن تصانيفه شرح الحاوي في مجلدين، وكتاب آخر في حل الحاوي، وكتاب المغني جمع فيه مسائل التنبيه، وزيادات وغير ذلك، وله مسألة تفرد بها أعني ما أفتى به من جواز السفر للحائض قبل طواف الإفاضة مع نحر بدنة كمذهب الحنفية.

قلت: ولقد عجبت من ذهابه إلى الفتوى مع جلالة قدره، ورسوخه في العلم، وقد صح عن سيد الأنام عليه أفضل الصلاة والسلام أنه قال في زوجته صفية رضي الله تعالى عنها: أحابستنا هي يعني عن السفر حتى تطهر لما قيل له أنها حاضت، فإذا كانت حبيب الرحمن المنسوخ بدينه الأديان ينجس عن السفر بسبب حيض امرأته قبل طوف الإفاضة، كيف يطلق غيره من آحاد الناس هذا خارجاً عن الكتاب والسنة والإجماع والقياس. وهذا أقول لا طعناً في جلالة شرف الدين، وعلمه المعتبر، بل تحذيراً من فعل ذلك، فالجواد قد يعثر، وكان رضي الله تعالى عنه حسن الاعتقاد في الصوفية والزهاد العباد من سائر العباد ذا أصل أصيل ومجد أثيل، ووصف جميل يقر له بالفضل كل فضيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>