بكار، وروي عنه الأخفش الأصغر وابن الأنباري وأبو عمر والزاهد وغيرهم. وكان ثقة صالحاً مشهوراً الحفظ وصادق اللهجة والمعرفة بالعربية ورواية الشعر القديم، مقداماً عند الشيوخ منذ هو حدث. وكان أبن الأعرابي إذا شك في شيء قال له: ما تقول يا أبا العباس في هذا؟. لغزارة حفظه. قال ابن الأخباري: أنشدني ثعلب.
إذا كنت قوة النفسى ثم هجرتها ... فلم تلبث النفس التي أنت قوتها
ستبقى بقاء الضب في الماء أو كما ... يعيش لدى ديمومة البيت حوتها
قلت: هكذا حكاه عنه ابن خلكان. والذي نعرفه:" لو كما يعيش ببيداء المفاوزة حوتها ". وكان سبب وفاته أنه خرج يوم الجمعة من الجامع بعد العصر، وكان قد لحقه صمم لا يسمع إلا بعد تعب شديد، فكان في يده كتاب ينظر فيه في الطريق فصدمته فرس، فألقته في هوة، فأخرج منها هو كالمختلط، فحمل إلى منزله وهو على تلك الحال، وهو يتأوه من رأسه، فمات ثاني يوم. " والشيباني " نسبة إلى شيبان، حي من بني بكر بن وائل.
وفيها توفي مقرىء أهل دمشق هارون بن موسى المعروف بالأخفش صاحب ابن ذكوان، وفيها توفي قنبل قارىء أهل مكة عبد الرحمن المخزومي مولاهم المكي.
[اثنتين وتسعين ومائتين]
فيها خرج صاحب مصر هارون بن خمارويه الطولوني عن الطاعة، فسارت جيوش المكتفي بحربه، ووقعت لهم وقعات، ثم اختلف أمراء هارون واقتتلوا. فخرج ليسكنهم فجاءه سهم، فقتله. ودخل الأمير محمد بن سليمان قائد جيش المكتفي، فتملك الأقليم، واحتوى على الخزائن، وقتل من آل طولون بضعة عشر رجلاً، وحبس طائفة، وكتب بالفتح إلى المكتفي، وقيل إن هارون هم بالمضي إلى المكتفي فامتنع عليه امراؤه وسجنوه، فأبى فقتلوه غيلة.
وفيها توفي أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله البصري الحافظ صاحب السنن ومسند الوقت، وقد قارب المائة أو كملها، وكان محدثاً حافظاً محتشماً كبير الشأن، قيل إنه لما فرغوا من سماع السنن عليه عمل لهم مائدة، غرم عليها ألف دينار، وتصدق بجملة منها. ولما قدم بغداد ازدحموا عليه، حتى حزر على مجلسه بأربعين ألفاً وزيادة. وكان في