ولابن سريج المذكور مع فضائله نظم حسن، وفهم مشكور. عاش سبعاً وخمسين سنة وستة أشهر. وكان جده سريج رجلاً مشهوراً بالصلاح الوافر. وهو سريج بن يونس بن إبراهيم بن الحارث المروزي الزاهد العابد، صاحب الكرامات. وقد تقدم تاريخ موته في سنة خمس وثلاثين ومائتين، روى الحديث عن الحسن بن محمد الزعفراني.
وفي السنة المذكورة توفي الفقيه الإمام أبو الحسن منصور بن إسماعيل بن عمر التميمي المصري الفقيه الشافعي الضرير. أصله من " رأس عين " البلدة المشهورة بالجزيرة، وأخذ الفقه عن أصحاب الإمام الشافعي، وعن أصحاب أصحابه، وله مصنفات من المذهب مليحة، منها الواجب والمستعجل والمسافر والهداية، وغير ذلك من الكتب. وله شعر جيد ذكره الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في طبقات الفقهاء، وأنشد له:
عاب التفقه قوم لا عقول لهم ... وما عليه إذا عابوه من ضرر
ما ضر شمس الضحى والشمس طالعة ... أن لا يرى ضوءها من ليس ذا بصر
وحكي أنه أصابته مسغبة في سنة شديدة القحط، فرقي سطح داره، ونادى بأعلى صوته: الغياث، الغياث، نحن خلجاً لكم، وأنتم تجار، وإنما يحسن المواساة في الشدة، لا حين ترخص الأسعار. فسمعه جيرانه، فأصبح على بابه مائة جمل بر.
وفي السنة المذكورة توفي الشيخ الكبير أبو عبد الله بن الجلاء، أحمد بن يحيى. من أجل شيوخ الصوفية، صحب ذا النون المصري والكبار. كان قدوة أهل الشام، قال لأبويه: اشتهي أن تهباني لله عز وجل، فقال: قد وهبناك له فغاب عنهما مدة من الزمان، ثم جاء في ليلة ذات مطر وبرد، فقرع عليهما الباب، فقالا: من هذا. قال: ولدكما. قالا: ليس لنا ولد، وهبناه لله عز وجل، ونحن قوم عرب إذا وهبنا شيئاً لا نرجع فيه.
وفيها توفي الإمام الحافظ صاحب التصانيف أبو محمد عبدان بن أحمد الأهوازي الجوالقي.
[سبع وثلاث مائة]
فيها توفي أبو يعلى الموصلى التميمى الحافظ، صاحب المسند. والحافظ الكبير