يقوم بحاله، سخر الله له هذا القط يقوم بكفايته، ويسوق إليه الرزق المقسوم، فكيف يضيع من هو مثلي؟ ونزل عن راتبه، ولزم البيت متوكلاً على الله تعالى، فما، زال ملطوفاً به محمول الكلفة إلى أن مات، وقيل: إنه خرج ليلة من غرفة في سطح الجامع،. فزلت رجله في بعض الطاقات المجهولة للضوء، فسقط وأصبح ميتاً، وأصله على ما ذكر بعضهم من الديلم، وبابشاذ: كلمة عجمية يتضمن معناها الفرح والسرور.
[سنة سبعين وإربع مائة]
فيها كانت فتنة كبيرة ببغداد بسبب الاعتقاد، ووقع النهب في البلد، وأشتد الخطب، وركب العسكر، وقتلوا جماعة، حتى فتر الأمر. قلت: هكذا أطلق بعض المؤرخين، ولم تبن هذه الفتنة بين أهل السنة والرافضة أو بين الأشعرية والحنبلية. وفي السنة المذكورة توفي الحافظ أبو صالح أحمد بن عبد الملك النيسابوري، محدث خراسان في زمانه، روى عن أبي نعيم وعن أبي الحسين البغدادي وللحاكم، وخلق، ورحل إلى أصفهان وبغداد ودمشق، وله ألف حديث عن ألف شيخ. وفيها توفي أبو الحسين بن النقور بفتح النون وتشديد القاف محمد بن محمد البغدادي المحدث البزاز. وكان يأخذ على اشغال الطلبة لأنهم كانوا يفوتون عليه الكسب لعياله، أفتاه بجواز ذلك الشيخ إبو إسحاق. وتوفي وله إحدى وتسعون سنة. وفيها توفي الحافظ أبو القاسم عبيد الله بن الجلاد. وفيها توفي الحافظ أبو القاسم عبد الرحمن بن منده الأصبهاني، صاحب التصانيف، كان ذا سعت ووقار، وله أصحاب وأتباع. قال الذهبي: وفيه تسنن مفرط أوقع بعض العلماء في الكلام في معتقده، وتوهموا فيه التجسيم. قال: وهو بريء منه فيما علمت، ولكن لو قصر من شأنه لكان أولى به. قلت وكلام الذهبي هذا يحتاج إلى إيضاح، فقوله: فيه تسنن مفرط أي: مبالغ في الأخذ بظواهر السنة والاستدلال بها، وجحد حملها على التأويل.