مع الزهد والورع البالغ، كان له بستان يعمله ويتبلغ منه، وله ترجمة منفردة جمعها ناصر الدين بن المنير.
وفيها أو في التي بعدها توفي ناظم الوترية، الفقيه الشافعي، الواعظ أبو عبد الله محمد بن أبي بكر ابن الرشيد البغدادي، كان فقيهاً واعظاً عارفاً بالفقه والخلاف. أعاد لأمية بغداد، وقدم مصر والإسكندرية، ووعظ بها، وسمع منه جماعة منهم الإمام العلامة شرف الذين أبو العباس أحمد بن عثمان السخاوي الشافعي إمام الأزهر، والإمام العلامة قاضي القضاة بدر الدين محمد بن إبراهيم بن جماعة، سمع منه قصائده الوتريات، ورافقه في الحج، ودخل الأفريقية، وجال في بلاد المغرب، وكان ظاهر التدين والصلاح.
[سنة ثلاث وستين وست مائة]
فيها كانت ملحمة عظيمة بالأندلس التقى فيها ملك الفرنج، وأبو عبد الله بن الأحمر سلطان المسلمين، ثم انهزم الملاعين، وأسر ملكهم، ثم أفلت، وحشد وجيش ونازل غرناطة، فخرج إليهم ابن الأحمر، وكسرهم أيضاً، وأسر منهم عشرة آلاف، وقتل مسلمون منهم فوق الأربعين ألفاً، وجمعوا كوماً هائلاً من رؤوس الفرنج، وأذن عليه مسلمون، واستعادوا عدة مداين من الفرنج.
وفيها قدم السلطان، فحاصر قيسارية، وافتتحها عنوة، وغصب القلعة أياماً ثم أخذت مع غيرها بالسيف، ثم رجع فسلطن ولده الملك السعيد المغفور.
وفيها جدد بديار مصر أربعة حكام من المذاهب لأجل توقف تاج الدين ابن بنت الأغر عن تنفيذ كثير من القضايا فتعطلت الأمور، فأشار بهذا جمال الدين أيد غدي العزيزي، فأعجب السلطان، وفعله في آخر السنة، ثم فعل ذلك بدمشق.
وفيها ابتدئ لعمارة مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ففرغ في أربع سنسن.
وفيها حجب الخليفة الحاكم بقلعة الجبل.
وفيها توفي المعين المقرئ القرشي المحدث المتقن أبو إسحاق إبراهيم بن عمر، كتب فأكثر، وتوفي فجاءة.
وفيها توفي الحافظ ابن السيد محمد بن يوسف الأزدي الغرناطي سمع من جماعة كثيرة وجمع وصنف.