وحكي أن إبراهيم الحربي قال: رأيت بشر بن الحارث الحافي في المنام كأنه خرج من مسجد الرصافة، وفي كمه شيء يتحرك، فقلت: ما فعل الله بك. فقال: غفر لي وأكرمني، فقلت: ما هذا الذي في كمك. فقال: قدم علينا روح أحمد بن حنبل فنثر عليه الدر والياقوت، فهذا مما التقطته. قلت: فما فعل يحيى بن معين وفلان سماه من أئمة الحديث. قال: تركتهما، وقد زارا رب العالمين، ووضعت لهما الموائد. قلت: فلم لم تأكل معهما أنت؟ قال: قد عرفت هوان الطعام علي، فأباحني النظر إلى وجهه الكريم، وكان رضي الله تعالى عنه حسن الوجه، ربعة يخضب بالحناء خضاباً ليس بالثاني، وفي لحيته شعرات سود قد جاوز سبعاً وسبعين سنة، وقد جمع ابن الجوزي أخباره في مجلد، ذلك البيهقي والهروي.
ومن مناقبه أيضاً ما ذكر بعض العلماء في مناقب الإمام الشافعي عن الربيع قال: لما خرج الشافعي إلى مصر وأنا معه كتب كتابأ وقال: يا ربيع، خذ كتابي هذا، وامض به إلى عبد الله أحمد بن حنبل، وأتني بالجواب. قال الربيع: فدخلت بغداد ومعي الكتاب فلقيت أحمد بن حنبل في صلاة الصبح، فصليت معه، فلما انتقل من المحراب سلمت إليه شاب وقلت: هذا كتاب الشافعي من مصر، فقال أحمد: نظرت فيه؟ قلت: لا، فكسر الختم وقرأ الكتاب فتغرغرت عيناه بالدموع فقلت له: إيش فيه؟. فقال: يذكر أنه رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال له: أكتب إلى أبي عبد الله أحمد بن حنبل، واقرأ عليه السلام وقل له: إنك ستمتحن وتدعي للقول بخلق القرآن، فلا تجبهم، فسترفع لك علم إلى يوم القيامة. قال الربيع: فقلت: البشارة فخلع قميصه الذي يلي جلده ودفعه إلي، وأخذت جواب الكتاب، وخرجت إلى مصر فسلمت الكتاب للشافعي وقال: يا ربيع، إيش الذي دفع إليك. قلت: القميص الذي يلي جلده، فقال الشافعي: لا نفجعك به، ولكن بله، وادفع إلي الماء حتى أكون شريكاً لك فيه.
وفيها توفي الإمام أبو علي الحسن بن حماد الحضرمي البغدادي، والحافظ أبو قدامة عبد الله بن سعيد رحمهم الله تعالى.
[اثنتين وأربعين ومائتين]
فيها توفي القاضي أبو حسان الزيادي الحسن بن علي بن عثمان، وكان إماماً ثقة، إخبارياً. مصنفاً كثير الإطلاع. وفيها توفي الإمام الرباني أبو الحسن محمد بن أسلم الطوسي الزاهد صاحب المسند في صاحب المسند والأربعين، وكان يشبه في وقته بابن المبارك. رحل وسمع من