الإلهية أبو عبد الله محمد بن أحمد بن ابراهيم القرشي الهاشمي، - قدس الله تعالى روحه - كان له التصريف النافذ في الوجود، والفضل الفائض من فيض الجود، والباع الطويل في أحكام الولاية، والجانب الرحيب في أحوال النهاية، والقدم الراسخ في التمكين المكين، والسبق إلى ذري درجات، المقربين، أحد أركان هذا الشأن، وعلم أعلامه وقدوة ساداته الأعيان، أجمع على جلالته أكابر الأولياء والعلماء، واتفق على فضيلته سكان الحضرة والحمى، وتبرك الجلة بآثاره، والتمسوا الهدى بإضاءة أنواره. وله كلام وكرامات، مودع بعضها في بعض المصنفات، مما اعتنى بجمعه وتأليفه الشيخ الإمام الحفيل السيد الجليل تلميذه أبو العباس أحمد بن علي القسطلاني. وقد ذكرت نبذة من ذلك في كتاب روض الرياحين، وكتاب أطراف السامعين. ومن كلامه رضي الله تعالى عنه: الزم الأدب وحدك من العبودية، ولا تتعرض لشيء، فإن أرادك له أوصلك إليه، ومنه: العالم من نطق عن سرك واطلع على عواقب أمرك، ومن كراماته رضي الله عنه ما ذكر قال: كنت بمنى فعطشت ولم أجد ماء، ولم يكن معي ما أشتري به، فمضيت أطلب بيراً من الآبار، فوجدت عليه أعاجم يستقون الماء، فقلت لأحدهم: ضع لي في هذه الركوة ماء، فضربني وأخذ الركوة من يدي ورمى بها بعيداً، فمضيت إليها لأخذها وأنا منكسر النفس - فوجدتها في بركة ماء حلو، فاستقيت وشربت، وجئت بها إلى أصحابي فشربوا، وأعلمتهم بالقصة، فمضوا إلى المكان ليستقوا منه فلم يجدوا ماء ولا أثر الماء، فعلمت أنها آية.
[سنة ست مائة]
فيها وقعت فتنة بين صاحب الموصل نور الدين، وبين ابن عمه قطب الدين صاحب سنجار، فاستنجد القطب بجاره الملك الأشرف موسى - وهو بحران - فسار معه وعمل مصافاً مع صاحب الموصل، فكسره الأشرف وأسر جماعة من أمرائه، ثم اصطلحا في آخر العام، وتزوج الأشرف بأخت صاحب الموصل.