للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعجل أحمر أغر، صفته كذا، يولد وقت كذا من يوم كذا، وهو نذر لي، ويذبحه الفقراء يوم كذا، ويأكله فلان وفلان، ثم أشار إلى الأخرى وقال: هذه حامل بأنثى، ومن صفتها كذا تولد وقت كذا، وهي نذر لي، ويذبحها فلان رجل من الفقراء يوم كذا، ويأكلها فلان وفلان، ولكلب أحمر فيها رزق. قال: فوالله لقد جرت الحال على ما وصف، ولم يخل منها بشيء، ودخل كلب أحمر إلى الزاوية، واختطف قطعة من لحم الأنثى وذهب بها. ومن كلامه - رضي الله تعالى عنه - إذا قدحت نار التعظيم مع نور الهيبة في زناد السر تولد منها شعاع المشاهدة، فمن شاهد الحق عز وجل في سره سقط الكون من قلبه. وأصله من الأكراد، سكن صحراء من صحارى العراق بالقرب من قنطرة الرصاص على يوم من سامرا، ولم يزل مستوطناً بها إلى أن مات بها، وقبره بها ظاهر يزار يؤمه من البعد الزوار، قد عمر الناس عنده قرية، رغبة في مجاورته والتماساً منهم لبركته.

[سنة احدى وتسعين وخمس مائة]

فيها كانت وقعة الزلاقة بين يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن وبين ملك الفرنج، فدخل يعقوب وغدا من زقاق سبتة في مائة ألف غير المطوعة، وأقبل الكافر عدو الله في مائتي ألف وأربعين ألفاً فانتصر بحمد الله الإسلام، وانهزم الكلب في عدد يسير، وقتل من الفرنج على ما أرخ أبو شامة وغيره مائة ألف وستة وأربعون ألفاً، وأسر ثلاثون ألفاً، وغنم المسلمون غنيمة لم يسمع بمثلها، حتى بيع السيف بنصف درهم، والحصان بخمسة دراهم، والحمار بدرهم، وذلك في تاسع شعبان من السنة المذكورة. وفيها سار الملك العزيز ولد صلاح الدين من مصر، فنزل بحوران لياخذ دمشق من أخيه الأفضل، فاتخذ الأفضل عمه العادل، فرجع العزيز، وتبعاه، فدخل القاضي الفاضل في الصلح بينهم، وأقام العادل بمصر. وفيها توفي الحافظ القدوة الإمام أحد العلماء الأعلام أبو محمد عبد الله الأندلسي الزاهد: عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عبيد الله المرسي، سمع فأكثر على أبي الحسن بن مغيث وابن العربي والكبار، وتفنن في العلوم، وبرع في الحديث، وطال عمره، وشاع ذكره، وكان قد سكن سبتة فاستدعاه السلطان إلى مراكش ليسمع.

<<  <  ج: ص:  >  >>