فإن أححى لا أملك حياتي وإن تمت ... فما في حياة بعد موتك طائل
وما كان بيني لو لقيتك سالماً ... وما بين الغنى إلا ليال قلائل
فقال له ابنه كم ظننت أن علقمة كان يعطيك لو وجدته حياً؟ قال: مائة ناقة يتبعها مائة من أولادها، فأعطاه ابنه إياها، والبيتان الأخيران يوجدان في ديوان النابغة الذبياني، في قصيدة له يرثي بها اليعمر بن أبي شعير الغساني، وأخبار مروان بن أبي حفصة كثيرة، ونوادرة شهيرة.
[سنة ثلاث وثمانين ومائة]
فيها خرج أعداء الله الخزر بالخاء المعجمة والزاي والراء ومن قصتهم أن سبتت بنت ملك الترك خاقان خطيها الأمير الفضل بن يحيى البرمكي، وحملت إليه في عام أول، فماتت في الطريق، فرد من كان معها في خدمتها من العساكر، وأخبروا خاقان أنها قتلت غيلة، فاشتد غضبه، وتجهز للشر وخرج بجيوشه من الباب الحديد، وأوقع بأهل الإسلام وأهل الذمة، وقتل وسبى وبدع، وبلغ السبي مائة ألف، وعظم ما أصيب به المسلمون، انا لله وإنا إليه راجعون، فانزعج هارون الرشيد واهتم لذلك، وجهز البعوث، فاجتمع المسلمون وطردوا العدو عن أرمينية، ثم سدوا الباب الذي خرجوا منه. وفي السنة المذكورة توفي الإمام أبو معاوية هشيم بن بشير السلمي الواسطي، محدث بغداد، روى عن الزهري وطبقته، قال يعقوب الدورقي: كان عند هشيم عشرون ألف حديث، وقال يحيى القطان: هو أحفظ من رأيت بعد سفيان وشعبة قلت والمراد بسفيان إذا أطلقوه الثوري وعن عمرو بن عون قال: مكث هشيم يصلي الفجر بوضوء العشاء عشرين سنة قبل موته. وفيها توفي السميد الجليل المشكور محمد بن السماك الكوفي الواعظ المشهور مولى بني عجل، روى عن الأعمش وجماعة، وروى عن الإمام أحمد ونظراؤه، ومن كلامه: من جزعته الدنيا حلاوتها لميله إليها، جزعته الآخرة مرارتها لتجافيه عنها، وكان كبير القدر، خل على الرشيد فوعظه وخوفه، وكان هارون الرشيد قد حلف أنه من أهل الجنة، فاستفتى العلماء فلم يفته أحد أنه من أهل الجنة، فقيل له: سل عن ابن السماك، فاستحضره وسأله، فقال له: هل قدر أمير المؤمنين على معصية فتركها خوفاً من الله تعالى؟ فقال: نعم، كان لبعض الناس جارية فهويتها وأنا إذ ذاك شباب، ثم أني ظفرت بها مرة،