سامراء فقتلوه بقادسية سامراء في آخر رمضان، وكان مسرفاً في تبذير الجوائز والذخائر.
وفيها توفي بندار محمد بن بشار البصري الحافظ رحمه الله تعالى.
[ثلاث وخمسين ومائتين]
فيها وقيل في سنة ست، وقيل إحدى وخمسين ومائتين توفي الشيخ الكبير العارف بالله الشهير ذو المقامات العلية والأحوال السنية والكرامات الخارقة والأنفاس الصادقة، حب الفضل العديد والعزم السديد والورع الشديد السري السقطي أحد أولاء الطريقة، ومعادن أسرار الحقيقة، خال الأستاذ أبي القاسم الجنيد وأستاذه وتلميذ الشيخ العارف بالله المقرب المعروف في بغداد بالترياق المجرب معروف القرخي، يقال: أن السري كان في دكان، فجاء معروف يوماً ومعه صبي يتيم فقال: اكس هذا، قال السري: فكسوته ففرح بذلك معروف وقال: بغض الله إليك الدنيا. وزاد بعضهم في روايته: وأراحك مما أنت.، فقال السري: فقمت من الدكان، وليس شيء أبغض إلي من الدنيا وكل ما أنا فيه من تركات معروف.
ويحكى أنه قال: منذ ثلاثين سنة أنا في الإستغفار من قولي مرة الحمد لله، قيل له: وكيف ذلك؟ قال: وقع ببغداد حريق فاستقبلني إنسان وقال: سلم حانوتك، فقلت: الحمد لله. فأنا نادم من ذلك الوقت على ما فعلت، حيث أردت لنفسي خيراً من الناس. وقال أبو قاسم الجنيد: دفع إلي السري رقعة وقال: هذه خير لك من سبع مائة قصة، فإذا فيها:
ولما ادعيت الحب قالت كذبتني ... فما لي أرى الأعضاء منك كواشيا
فما الحب حتى يلصق الظهر بالحشا ... وتذبل حتى لا تجيب المناديا
وتنحل حتى ليس يبقي لك الهوى ... سوى مقلة تبكي بها وتناجيا
وقال أيضاً: دخلت على السري يوماً وهو يبكي فقلت: ما يبكيك. قال: جاءتني البارحة الصبية فقالت: يا أبت، هذه ليلة حارة، وهذا الكوز أعلقه ها هنا، ثم إني حملتني، فنمت فرأيت جارية من أحسن الخلق قد نزلت من السماء، فقلت: لمن أنت. قالت: لمن لا يشرب الماء المبرد في الكيزان، وتناولت الكوز فضربت به الأرض. قال الجنيد: فرأيت الخزف المكسورة لم يرفعها حتى عفي عليه التراب، وفضائل السري ومحاسنه معروفة، وأوصافه بالجميل والجمال موصوفة قدس الله أسراره.
وفيها توفي الأمير محمد بن عبد الله بن طاهر، وصيف التركي، وكان من أكبر أمراء الدولة. وأبو جعفر أحمد بن سعيد بن صخر الدارمي السرخسي، أحد الفقهاء والأئمة في الأثر، رحمة الله عليه.