رأيتك إن أيسرت خيمت عندنا ... مقيماً وأن أعسرت زرت لماما
فما أنت إلا البدر إن قل ضوءه ... أغب، وإن زاد الضياء أقاما
وله ملح شهيرة ونوادر كثيرة، وكان قد فارق الصاحب بن عباد غير راض عنه، فقال في الإنشاد:
لا تحمدن ابن عباد وإن هطلت ... يداه بالجود حتى أخجل الديما
فإنها خطرات من وساوسه ... يعطي ويمنع لا بخلاً ولا كرماً
فبلغ ذلك ابن عباد، فلما بلغه خبر موته أنشد:
أقول لركب من خراسان قافل ... أمات خويرزميكم؟ قيل لي: نعم
فقلنا اكتبوا بالجص من فوق قبره ... ألا لعن الرحمن من كفر النعم
[أربع وثمانين وثلاثمائة]
فيها اشتد البلاء بالعباد ببغداد، وقووا على الدولة وعلى رأسهم عزيزاً التفت عليهم خلق عظيم، فنهض السلطان وتفرغ لهم فهربوا. ولم يحج أحد الركب المصري.
وفيها توفي الحافظ أبو الفضل الهمداني السمسار الذي لما أملى الحديث باع طاحوناً له بسبع مائة دينار، ونثرها على المحدثين، قيل: كان ركناً من أركان الحديث، ديناً ورعاً، لا يخاف في الله لومة لائم، وله عدة مصنفات. والدعاء عند قبره مستجاب.
وفيها توفي محمد بن عمران المرزباني البغدادي المولد وصاحب التصانيف المشهورة، والمجاميع الغريبة. كان راوية للأدب، صاحب أخبار، وتواليفه كثيرة، وكان ثقة في الحديث مائلاً إلى التشيع في المذهب، حدث عن عبد الله بن محمد البغوي وأبي بكر بن داد السجستاني وآخرين. وهو أول من جمع ديوان يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، وهو صغير الحجم يدخل في مقدار ثلاث كراديس، وجمعه جماعة من بعده، وزادوا فيه أشياء