للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تحت بعد الشين " ومعناه في لسان الترك ملك الملوك جيشاً، فالتقاهم سيف الدولة فهزمهم وأسر منهم ألف نفس، ثم سار إلى دمشق فملكها، وسار الإخشيذ ونزل على " طبرية " فخامر خلق من عسكر سيف الدولة إلى الإخشيذ، فانكسر سيف الدولة وجمعه فقصده الإخشيذ، فالتقاه، فانهزم سيف الدولة، ودخل الاخشيذ حلب. وأصاب بغداد قحط لم ير مثله، وهرب الخلق، وكان النساء يخرجن عشرين عشرين، وعشرة عشرة، تمسك بعضهم ببعض، بصحن الجوع الجوع، ثم تسقط الواحدة بعد الواحدة ميته.

وفيها توفي أبو علي اللؤلؤي، محمد بن أحمد البصري، راوي السنن عن أبي داود

[أربع وثلاثين وثلاث مائة]

فيها دثرت بغداد، وتداعت إلى الحراب من شدة القحط والفتن والجور.

وفيها اصطلح سيف الدولة والإخشيذ، وصاهره، وتقرر لسيف الدولة حلب وحمص وأنطاكية، وقصد معز الدولة بغداد، فاختفى الخليفة، وتسللت الأتراك إلى الموصل، وأقامت الديلم ببغداد، ونزل معز الدولة بباب الشماسية، وقدم له الخليفة التقاديم والتحف، ثم دخل إلى خدمة الخليفة وبايعه، فلقبه يومئذ معز الدولة، ولقب أخويه: علياً: عماد الدولة، والحسن: ركن الدولة، وضربت لهم السكة، واستوثقت المملكة لمعز الدولة، فلما تمكن كحل المستكفي بالله، وخلعه من الخلافة، لكون " علم القهرمانة " كانت تأمر وتنهي، فعملت دعوه عظيمة، حضرها خرشيد مقدم الديلم وعدة أمراء، فخاف معز الدولة من غائلتها، ولأن بعض الشيعة كان يثير الفتن، فآذاه الخليفة وكان معز الدولة متشيعاً فلما كان في جمادى الآخرة، ودخل الأمراء إلى الخليفة، ودخل معز الدولة فتقدم اثنان وطلبا من المستكفي رزقهما، فمد لهما يده ليقبلاها، فجذباه إلى الأرض وسحباه، فوقعت الصيحة، فنهبت دور الخلافة، وقبضوا على " علم " وخواص الخليفة وساقوا الخليفة ماشياً. وكانت خلافته سنة وأربعة أشهر، وصار ثلاثة خلفاء مكحولين: هو والذي قبله، والقاهر. ثم أحضر معز الدولة أبا القاسم الفضل بن المقتدر، فبايعه، ولقبه المطيع لله، وقرر له معز الدولة كل يوم مائة دينار للنفقة، وانحطت رتبة الخلافة إلى هذه المنزلة.

قلت: ما صار للخليفة من الخزائن، وما يدخل من جميع الدنيا؟ إجراء هذه القدر للنفقه، مع شدة الغلاء. فإنهم في هذه السنة في شعبان منها، كانوا ببغداد يأكلون الميتات والآدميين، ومات الناس على الطرق، وبيع العقار بالرغيفين

<<  <  ج: ص:  >  >>