فقال: تخرجين الدانقين، ثم تبقين بلا رأس مال حتى يعوضك الله خيراً منه، فقال عبد الله، فقلت لأمي: لو قلت لها حتى تخرج رأس مالها، قال: يا بني، سؤالها لا يحتمل التأويل، فمن هذه المرأة؟ قلت: هي منحة أخت بشر، فقال: من ها هنا أنت، قلت: وفي رواية أخرى: إن أخت بشر قالت له: إن مشاعيل الولاة تمر بنا، ونحن على سطوحنا، أفيحل لنا أن نغزل في شعاعها. فقال: من أنت رحمك الله؟ فقالت: أخت بشر الحافي، فقال: صدقت، من بينكم يخرج الورع الصافي، قال: الصادق، لا تغزلي في شعاعها. وتكلم بشر في الورع وعدم طيب المطاعم، فقيل له: ما نراك تكل إلا من حيث تأكل. فقال: ليس من يأكل وهو يبكي كمن يأكل وهو يضحك، وفي رواية: أكلتموها كباراً وأكلتها صغاراً.
وفي السنة المذكور توقني أبو عثمان سعيد بن منصور الخراساني الحافظ صاحب السنن.
وفي السنة المذكورة توفي الخليفة المعتصم محمد بن هارون الرشيد بن المهدي بن منصور العباسي، عهد إليه بالخلافة المأمون، وكان شجاعاً شهماً مهيباً، لكنه كثير اللهو مسرف على نفسه، وهو الذي افتتح عمورية من أرض الروم. ويقال له المثمن، لإنه ولد سنة ثمانين ومائة، في ثامن عشر منها، وهو ثامن الخلفاء من بني العباس، وفتح ثمان فتوحات، ووقف في خدمته ثمانية ملوك من العجم، ثم قتل ستة منهم، واستخلف ثماني سنين وثمانية أشهر وثمانية أيام، وخلف ثمانية بنين وثماني بنات، وخلف من الذهب ثمانية آلاف دينار، ومن الدراهم ثمانية عشر ألف ألف درهم، ومن الخيل ثمانين ألف فرس، ومن الجمال والبغال مثل ذلك، ومن الممالك ثمانية آلاف مملوك وثمانية آلاف جارية، وبنى ثمانية قصور، هكذا قيل في التواريخ، فان صحح هذا فهو من جملة العجائب. قالوا وكانت له نفس سبعية، إذا غضب لم يبال بمن قتل ولا بما فعل، وعمره سبع وأربعون سنة، وأقام بعده ابنه الواثق.
[ثمان وعشرين ومائتين]
فيها توفي عبد الله، وقيل: عبيد الله بن محقد بن حفص القريشي التيمي العائشي البصري الأخباري، أحد الفصحاء الأجواد، أمه عائشة بنت طلحة.
وقال مصعب بن عبد الله الزبيري: هي بنت عبد الله بن عبيد الله بن مغمر التيمي، قال يعقوب بن شبة: أنفق ابن عائشة على أخواته أربع مائة ألف دينار في الله، وقيل: جاءه وكيله