يوماً يثمن له مائة دينار وثلاث مائة درهم، وهو في المسجد، فوافاه سائل، فأدخل يده في كم الوكيل، فأخرج منها شيئاً، فدفعه إليه، فلم يزل السؤال يوافونه، وهو يرفع إليهم، حتى أفنى الدنانير والدراهم، وقال عبد الله بن شبة: رأيت ابن عائشة، وقف على قبر ابن له قد دفن، فرفرف مرة ثم قال:
إذا ما دعوت الصبر بعدك والبكاء ... أجاب البكاء طوعاً ولم يجب الصبر
فإن ينقطع منك الرجاء فإنه ... سيبقى عليك الحزن ما بقي الدهر
وكان يقول: أو روي عن أبيه أنه كان يقول: جزعك في مصيبة صديقك أحسن من صبرك، وصبرك في مصيبتك أحسن من جزعك، وكذلك روي عنه أنه قال: لا يعرف كلمة بعد كلام الله، وبعد كلام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أخصر لفظاً ولا أكمل وضعاً، ولا أعم نفعاً من قول أمير المؤمنين علي رضي الله تعالى عنه: قيمة كل امرىء ما يحسن، وقال ابن عائشة المذكور لرجل من العرب أعجبه: أنت والله كما قال الشاعر:
لسنا وإن أحسابنا كرمت ... يوماً على الأحساب نتكل
نبني كما كانت أوائلنا ... ونفعل مثل ما فعلوا
وقال العايشي: أول الفراعنة سنان بن غلوان بن عبيد بن عوج بن عمليق، وهو الذي نزل به البلاء لما مد يده إلى سارة زوجة إبراهيم الخليل، صلى الله عليه وآله وسلم، فوهب لها هاجر أم إسماعيل عليهما السلام.
والفرعون الثاني فرعون يوسف صلى الله عليه وآله وسلم، وهو خير الفراعنة، واسمه الريان بن الوليد، ويرجع في نسبه إلى عمرو بن عمليق، ويقال أنه أسلم على يده صلى الله عليه وآله وسلم.
والفرعون الثالث فرعون موسى صلى الله عليه وآله وسلم، وهو أخبث الفراعنة، واسمه الوليد بن مصعب بن معاوية، يرجع إلى عمرو بن عمليق.
والفرعون الرابع نويفل الذي قتله بخت نصر حين غزا.
والفرعون الخامس كان طوله ألفي ذراع، وكانت قصيراه جسراً لنيل مصر دهراً طويلاً.
وقال ابن عائشة: دخل خالد بن صفوان مسجد الجامع، فإذا هو بالفرزدق جالساً في الشمس، فقال: يا أبا فراس، والله لو أن نسوة يوسف رأينك لما أكبرنك ولا قطعن أيديهن، فقال: وأنت والله لو أن نسوة مدين رأينك: لما قلن: استأجره، إن خير من استأجرت القوي