ونحوي العراق أبو إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج. وإمام الأئمة محمد بن إسحاق بن خزيمة النيسابوري الحافظ صاحب التصانيف. رحل إلى الحجاز والشام والعراق ومصر وتفقه على المزني وغيره. قال أبو علي الحافظ: كان ابن خزيمة يحفظ الفقهيات من حديثه كما يحفظ القارىء السورة. وقال ابن حبان: لم أر مثل ابن خزيمة في حفظ الأسناد والمتن، وقال الدارقطني: كان إماماً معموم النظير.
[اثنتي عشرة وثلاث مائة]
فيها عارض أبو طاهر القرمطى ركب العراق، ومعه ألف فارس وألف راجل، فوضعوا السيف واستباحوا الحجيج، وساقوا الجمال بالأموال والحريم، وهلك الناس جوعاً وعطشاً، ونجا من نجا بأسوأ حال، ووقع النوح والبكاء ببغداد وغيرها، وامتنع الناس من الصلوات في المساجد، ورجم الناس الوزير ابن الفرات، وصاحوا عليه أنت القرمطي الكبير. فأشار على المقتدر أن يكاتب مؤنساً الخادم وهو على الرقة قد سعى ابن الفرات في إعادته إليها خوفاً منه فقدم مؤنس الخادم، فركب إلى دار ابن الفرات للسلام عليه، ولم يتم مثل هذا من وزير، أو قال الوزير: فأسرع مؤنس إلى باب داره، وقبل يده وخضع. وكان في حبس المحسن ولد الوزير جماعة في المصادرة، فخاف العزل، وأن يظهر عليه ما أخذ منهم فسم علي بن عيسى، وذبح مؤنساً خادم حامد بن العباس وعبد الوهاب ابن ما شاء الله، فكثر الضجيج من المقتولين على بابه، ثم قبض المقتدر على ابن الفرات وسلمه إلى مؤنس، فعاتبه مؤنس، وتذلل هو له، فقال له مؤنس: الساعة تخاطبني بالأستاذ، وأمس تبعدني إلى الرقة، واختفى المحسن، ثم ظفر به في زي امرأة قد خضبت يديها بالحناء، فعذب وأخذ خطه بثلاثة آلاف دينار. وولي الوزارة عبد الله بن محمد الخاقاني، فعذب ابن الفرات، واصطفى أموالهم، فيقال أخذ منهم ألفي دينار، ثم ألح مؤنس ونصر الخادم وهارون ابن خال المقتدر على المقتدر حتى أذن في قتل ابن الفرات وولده المحسن، فذبحا.
عاش ابن الفرات إحدى وسبعين سنة، وكان جباراً فاتكاً سائساً كريماً متمولاً يقدر على عشرة آلاف دينار، وقد ورد للمقتدر ثلاث مرات وقتل، وكان يدخل عليه من أملاكه في العام ألف ألف دينار. فكان القرمطي قد أسر طائفة من الحجاج، منهم الأمير أبو الهيجا عبد الله بن حمدان، فأطلقه وأرسل معه يطلب من المقتدر البصرة، والأهواز، فذكر أبو الهيجاء أن القرمطي قتل من الحجاج ألفي رجل ومائتين، ومن النساء ثلاثمائة، وفي الأسر