وفيها توفي مسند الآفاق، كان إماماً في علوم القرآن، كثير التصانيف، - مبين الديانة. عالي الإسناد، وقاضي القضاة أبو بكر الناصحي محمد بن عبد الله بن الحسين النيسابوري. قال الشيخ عبد الغافر: هو في عصره أفضل أصحاب أبي حنيفة، وأعرفهم بالمذهب، وأوجههم في المناظرة، مع حظ وافر من الأدب والطب، ولم تحمد سيرته في القضاء. وفيها توفي المعتصم محمد بن معن الأندلسي التجيبي صاحب المرية ومحاوية والصمارحية من بلاد الأندلس، وتوفي وجيش ابن تاشفين محاصرون.
[سنة خمس وثمانين واربع مائة]
فيها أخذت ركب العراق خفاجة بالخاء المعجمة والفاء والجيم بين الالف والهاء، وكان الحريق ببغداد، احترق فيه من الناس عدد كثير وأسواق كبار من الظهر إلى العص. وفي عاشر رمضان فيها، قتل الوزير الكبير الحميد الشهير، نظام الملك، قوام الدين: أبو علي الحسين بن علي بن إسحاق الطوسي، كان من جلة الوزراء. قلت: وهذا أول ما بلغناه من التلقيب بفلان الدين، ثم استمر ذلك إلى يومنا، وإنما كانوا يلقبون بفلان الدولة والملك من يعظم شأنه عندهم، ثم عموا التلقيب بالدين فيما بعد، حتى في السوقية والفجرة، لقبوهم بنور الدين وشمس الدين وزين الدين وكمال الدين وأشباه ذلك - ممن هم ظلام الدين وشين الدين ونقص الدين وأشباه ذلك من أضداد الدين، وإلى ذلك أشرت بقولي في بعض القصائد: يسمى فلان الدين من هو عكس ما يسمى به حاوي الصفات الدنيه، فالنور ظلامة، والكمال نقيصة، ومحيي مميت، ثم عكس التقية سوى السيد الحبر النواوي، وشبهه إمام الهدى محيي الدين. وما أحسن ما قال الشيخ بركة الزمن وزين اليمن ذو المجد الأثيل: أحمد بن موسى بن عجيل، قال رضي الله عنه: تتبعت هذه الألقاب فلم أجد منها صادقاً إلا صارم الدين، يعني: قاطع الدين. رجعنا إلى ذكر الوزير نظام الملك، ذكره أبو سعد السمعاني فقال: كعبة المجد ومنبع الجود، كان مجلسه عامراً بالقراء والفقهاء، أنشأ المدارس بالأمصار، ورغب في العلم،