المصري المنزل والوفاة، كان من أئمة الأدب خصوصاً اللغة، وله تصانيف نافعة منها كتاب الأفعال، أحسن فيه كل الإحسان، وهو أجود من الأفعال لابن القوطبة، وإن كان ذاك سبقه إليه، وله كتاب أبنية الأسماء، جمع فيه فأوعب، وعروض حسن جيد، وكتاب الدرة الخطيرة المختارة من شعر الجزيرة، ولمح اللمح، جمع فيه خلقاً من علماء الأندلس، قرأ الأدب على فضلاء صقلية كابن البراء اللغوي وأمثاله، وأجاد النحو غاية الإجادة، ورحل عن صقلية لما أشرف على تملكها الفرنج، ووصل إلى مصر في حدود سنة خمس مائة، وبالغ أهل مصر في إكرامه، ومن شعره:
وشادن لبيانه عقد ... حلت عقودي وأوهنت جلدي
عابوه جهلاً بها فقلت لهم ... أما سمعتم بالنفث في العقد؟
وله شعر كثير، توفي بمصر: وفيها توفي الحافظ أبو الخير بن عوض الهروي. كان عالماً صاحب حديث وإفادة، حريصاً على الطلب.
[سنة ست عشرة وخمس مائة]
توفي الإمام محيي السنة أبو محمد الحسين بن مسعود الفراء البغوي الشافعي المحدث المقرىء، صاحب التصانيف، وعالم أهل خراسان، كان سيداً زاهداً قانعاً، يأكل الخبز وحده، فليم في ذلك، فصار يأكله بالزيت، وكان أبوه يصنع الفراء، توفي بمروروذ، ودفن عند شيخه القاضي حسين، أخذ الفقه عنه، وصنف في تفسير كلام الله تعالى، وأوضح المشكلات من قوله صلى الله عليه وآله وسلم، وروى الحديث، ودرس، وكان لا يلقي الدرس إلا على طهارة، وصنف كتباً كثيرة منها: كتاب التهذيب في الفقه، وشرح السنة في الحديث، ومعالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم، وكتاب المصابيح، والجمع بين الصحيحين، وغير ذلك، والبغوي نسبة إلى بلدة بخراسان بين مرو وهراة يقال لها بغ، بالباء الموحدة والغين المعجمة.
والحافظ أبو محمد عبد الله بن أحمد السمرقندي، سمع من أبي بكر الخطيب وجماعة، ورحل إلى نيسابور وأصبهان. وأبو القاسم بن الفحام الصقلي: عبد الرحمن بن أبي بكر، مصنف التجويد في القراءات.