فيها توفي صاحب الموصل أرسلان شاه ابن السلطان مسعود، وكان شهمًا شجاعًا سائسًا مهيبًا، قال أبو السعادات ابن الأثير وزيره: ما قات له في فعل خير الإبادر فيه، وقال أبو المظفر ابن جوزي: كان جبارًا سافكًا للدماء. وقال ابن خلكان: كان شهمًا عارفًا بالأمور تحول شافعيًا، ولم يكن في بيته شافعي سواه، وبنى مدرسة للشافعية بالموصل قل أن يوجد مدرسة في حسنها. توفي في شبارة بالشط ظاهر الموصل والشبارة بالشين المعجمة مفتوحة والموحدة مشددة، وبين الألف والهاء راء، وهي عندهم الحراقة عند أهل مصر، وكتم موته حتى دخل به إلى دار السلطنة بالموصل. ودفن في تربته التي بمدرسته المذكورة، وخلف ولدين هما الملك القاهر مسعود، والملك المنصور زنكي، وسيأتي ذكر كل واحد منهما في ترجمته إنشاء الله تعالى، وتسلطن بعده ابنه مسعود.
وفيها توفي مؤيد الدولة أسامة بن مرشد الكلبي من اكابر أهل قلعة سعير وشجعانهم علمائهم، له تصانيف عديدة في فنون الأدب، وله ديوان شعر في جزأين منه قوله.
لا تستعر جلداً على هجرانهم ... فقواك تضعف عن صدود دائم
وإعلم بأنك إن رجعت إليهم ... طوعًا وإلا عدت عودة راغم
ومنه قوله في دار ابن طليب احترقت:
أنظر إلى الأيام كيف تسوقنا ... قهرا إلى الإقرار بالأقدار
ماأوقد ابن طليب قط بداره ... نارًا وكان خرابها بالنار
ومما يناسب هذه الواقعة ما حكي، أن إنسانًا معروفًا بابن صورة المصري كانت له بمصر دار موصوفة بالحسن فاحترقت، فقال أبو الحسن بن مفرج المعروف بابن المنجم
أقول وقد عاينت دار ابن قعورة ... وللنار فيها مارج يضرم