وفيها توفي دبيس بن صدقة ملك العرب أبو الأعز، ولد الأمير سيف الدولة الأسدي، كان فارساً شجاعاً مقداماً ممدحاً، خرج على المسترشد بالله، ودخل خراسان والشام والجزيرة، واستولى على كثير من العراق، قتله السلطان مسعود، وأظهر أنه قتله آخذاً بثأر المسترشد، وهو من بيت كبير، وإياه أراد الحريري في المقامة ألفاسعة والثلاثين بقوله: والأسدي دبيس، لأنه كان معاصره، فيام التقرب إليه بذكره في مقاماته، على ما ذكره ابن خلكان. وله نظم حسن منه قوله:
ألا قل لبدران الذي حن نازعاً ... إلى أرضه والحر ليس يخيب
ولله في تلك الحوادث حكمة ... وللأرض من كأس الكرام نصيب
وفيها توفي الحافظ الأديب الشيخ عبد ألفافي بن اسماعيل بن عبد ألفافي ألفارسي، صاحب تاريخ نيسابور، ومصنف مجمع الغرائب والمفهم في شرح مختصر صحيح مسلم. كان إماماً في الحديث واللغة والأدب والبلاغة. حدث عن جده لأمه الشيخ الإمام أبي القاسم القشيري وطبقته، أجازه أبو محمد الجوهري وآخرون. وفيها توفي قاضي الجماعة محمد بن أحمد التجيبي القرطبي ألفالكي. روى عن أبي علي الغساني وطائفة، وكان من جلة العلماء وكبارهم، مع الدين والخشوع. قتل مظلوماً بجامع قرطبة في صلاة الجمعة - رحمه الله تعالى -.
[سنة ثلاثين وخمس مائة]
فيها جاء أمير من جهة السلطان المسعود يطلب من إلىاشد بالله سبعمائة ألف دينار، فاستشار الأعيان، فأشاروا عليه بألفاجيل، فيد على مسعود بقوة نفس، وأخذ يتهيأ، فانزعج أهل بغداد، وعلقوا السلاح، ثم إن إلىاشد قبض على إقبال ألفادم، وأخذت حواصله، فتألم العسكر لذلك، وشغبوا، ووقع اللهب، ثم جاء زنكي، وسأل في إقبال سؤالاً تحته إلزام، فأطلق له. ثم خرج بالعساكر، فجاء عسكر مسعود، فنازلوا بغداد، وقاتلهم الناس، وخامر جماعة أمراء إلى إلىاشد، ثم بعد أيام وصل مسعود يطلب من إلىاشد الصلح، فقرئت مكاتبته على الأمراء، فأبوا إلا القتال، فأقبل مسعود في خمسة آلاف راكب، ودام الحصار، واضطرب عسكر الخليفة، وجرت أمور يطول ذكرها، ثم كاتب مسعود زنكي، وواعده ومناه، فكتب إلى الأمراء إنكم إن قتلتم زنكي أعطيتكم بلاده، فعلم زنكي بذاك، فيحل هو