فيها قبض السلطان ألب أرسلان على الوزير عميد الملك الكندري، ثم قتله في آخر العام المذكور، وحمل رأسه إلى نيسابور، وكان قد جب مذاكيره لأمر، وتفرد بوزارته نظام الملك الطوسي، فأبطل ما كان عمله العميد وسلطانه من سب الأشعرية على المنابر، وانتصر للشافعية، وأكرم زين الإسلام أبا القاسم القشيري وإمام الحرمين أبا المعالي الجويني. وكان العميد المذكور من رجال الدهر جوداً وشجاعة وسخاء وكفاية وشهامة، مدحه الشعراء منهم: أبو الحسين الباخرزي ويقال متغزلاً في قصيدة:
اكدي بجاري ود كل قرين ... أم هذه شيم الظباء العين
قصوا علي حديث من قيد الهوى ... إن التأسي روح كل حزين
ولئن كتمتم مشفقين لقد درى ... بمصارع العذراء والمجنون
إلى أن قال بعد غزل طويل:
فإذا عميد الملك حلى ربعه ... طرفاً تعال الطائر الميمون
ملك إذا ما العزم حث جياده ... مزجت بأزهر شامخ العرنين
وفيها توفي الحافظ عبد العزيز بن محمد النخشبي، وكان من كبار الحفاظ. وفيها توفي أبو القاسم عبد الواحد بن علي بن برهان بفتح الموحدة العكبري النحوي، صاحب التصانيف. قال الخطيب: كان متضلعاً بعلوم كثيرة، منها النحو واللغة والنسب وأيام العرب والمتقدمين. وله أنس شديد بعلم الحديث. وكان فقيهاً حنفياً، أخذ علم الكلام عن أبي الحسين البصري، وتقدم فيه. وفيها توفي أبو علي الحسن بن رشيق، أحد الفضلاء، صاحب التصانيف المليحة والرسائل الفائقة والنظم الجليل. سكن القيروان ولم يزل إلى أن هجم العرب، وقتلوا أهلها، وأخربوها، فانتقل إلى جزيرة صقلية، وأقام بمارز إلى أن توفي بها، وهي قرية في الجزيرة المذكورة، وينسب الإمام المارزى إليها. ومن شعر ابن رشيق المذكور.