خلف الأنصاري السماكي الشافعي، المعروف بابن الزملكاني صاحب علم المعاني والبيان، كان ذكيًا سريًا ذا فنون، ولي قضاء صرخد، ودرس ببعلبك، وتوفي بدمشق وله نظم رائق. وفيها توفي الشيخ محمد ابن الشيخ الكبير عبد الله الجويني.
وفيها توفي صاحب الشيخ عبد الله المذكور الشيخ عثمان البعلبكي صاحب أحوال وكرامات ورياضات ومجاهدات.
[سنة اثنتين وخمسين وست مائة]
فيها تسلطن الملك المعز عز الدين.
وفيها توفي الأمير فارس الدين الزكي الصالحي أقطاي، كان موصوفًا بالشجاعة والكرم اشتراه الصالح بألف دينار، فلما اتصلت السلطنة إلى الملك المعز بالغ أقطايا في الإدلال والتبختر، وبقي يركب ركبة ملك، وتزوج بابنة صاحب الحماة، وقال للمعز: أريد أن أعمل العرس في قلعة الجبل، فادخلها إلي، وكان يدخل الخزائن ويتصرف في الأموال، وأنفق المعز وزوجته شجر الدر عليه ورتبا من قتله، وغلقت أبواب القلعة، فركب مماليكه، وكانوا سبع مائة، وأحاطوا بالقلعة فألقى إليهم رأسه، فهربوا وتفرقوا.
وفيها توفي مجد الدين أبو البركات عبد السلام بن عبد الله الحراني الحنبلي.
وفيها توفي الكمال محمد بن طلحة النصيبي المفتي الشافعي، وكان رئيساً محتشماً بارعاً في الفقه والخلاف، ولي الوزارة، ثم زهد وجمع نفسه، توفي بحلب في شهر رجب، وقد جاوز السبعين، وله دائرة الحروف، قلت: وابن طلحة المذكور لعله الذي روى السيد الجليل المقدار الشيخ المذكور، عبد الغفار صاحب الزاوية في مدينة قوص قال أخبرني الرضي ابن الأصمع، قال: طلعت جبل لبنان فوجدت فقيراً، فقال لي: رأيت البارحة في المنام قائلاً يقول.
لله درك يا بن طلحة ما جدا ... ترك الوزارة عامداً فتسلطنا
لا تعجبوا من زاهد في زهده ... في درهم لما أصاب المعدنا
قال: فلما أصبحت ذهبت إلى الشيخ ابن طلحة، فوجدت السلطان الملك الأشرف على بابه، وهو يطلب الأذن عليه، فقعدت حتى خرج السلطان، فدخلت عليه، فعرفته بما قال الفقير، فقال: إن صدقت رؤياه فأنا أموت إلى أحد عشر يومًا وكان كذلك. قلت: وقد