للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أيضاً في جواب كتاب أتاه من الشريف الإمام أحمد بن الحسين أيام خرج، وقد دعاه إلى البيعة له: ورد كتاب السيد ففهمنا مضمونه، ولعمري إن هذا سلكه الأولون، وأقبل عليه الأكثرون غير أنا نفر مذ سمعنا قوله تعالى له دعوة الحق لم يبق لإجابة الخلق فينا متسع، وليس لأحد منا أن يشهر سيفه على غير نفسه، ولا أن يفرط في يومه بعد أمسه، فليعلم السيد فراغنا لمارام فيعذر المولى والسلام قلت: وله من الكلام في الحقائق الغامضات الدقائق ما لا يفهمه إلا الخواص من الخلائق من العطايا، ومن المواهب الجسيم ما لا ينال إلا من فيض فضل الله العظيم، وكنت قد رأيته في المنام هو والسيد المشكور إسماعيل بن محمد الحضرمي المشهور في ليلة واحدة، وقال لي أحدهما وأظنه الشيخ أبا الغيث: إنا ما فتح علي إلا بعد الخمسين فقلت له: يا سيدي هذه بداية الفتح أم نهايته؟ فقال لي: يا ولدي إذا جاء فضل الله جاء دفعة واحدة، ففهمت أنه يعني بذلك الجذبة من جذبات الحق يفنى العبد عن نفسه وعن الخلق، وإليه وإلى شيخه المذكورين أشرت في غزل هذين البيتين من قصيدة في مدح شيوخ اليمن:

يبيت عطاء عيطبول خريدة ... غياثية في سابقات المحامل

سقت تلك نهلا ًحورة أفلحية ... وعل احرود من ملاح إلا هادل

خليلي في حب الملاح تغزلاً ... بسلمى، ومن في ربعها من حلائل

وزور أملاح الحي من كل حورة ... يمانية يمنًا وحسنا كوامل

وعوجًا على أحبانا بعواجه ... وبلا ربها بالدموع الهواطل

وقلت: فيها بالتصريح بعد كناية الغزل والتلويح:

ملوك البرايا ليس يشقى جليسهم ... لهم بيض رايات العلى في المحافل

كساداتنا منهم شموس عواجة ... إلى الحكمي السامي انتساب الأفاضل

ومثل أبي الغيث المقدم في العلى ... كبحر بعيد الغور نأي السواحل

وشيخه ذي المجد النجيب ابن أفلح ... وأهد لهم صدر الكبار الأماثل

قلت: وقد أنخت رواحل الأخبار عنه بساحة الاختصار في منازل هذا المقدار.

وفي السنة المذكورة توفي الملك الصالح صلاح الدين ابن الملك الطاهر غازي ابن. الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب.

وفيها توفي الإمام العلامة كمال الدين عبد الواحد ابن خطيب زملكان عبد الكريم بن

<<  <  ج: ص:  >  >>