وفيها توفي سعيد بن كثير أبو عثمان المصري الحافظ العلامة قاضي الديار المصرية، وكان فقيها أخبارياً نسابة شاعراً كثير الإطلاع، قليل المثل شهير الفضل.
وفيها توفي شيخ خراسان الإمام يحيى بن يحيى بن بكير التميمي النيسابوري، كان يشبه بابن المبارك في وقته طرفاً، وروى عن مالك والليث وطبقته.
قال ابن راهويه: ما رأيت مثل يحيى بن يحيى، ولا أحسبه رأى مثل نفسه، ومات وهو إمام لأهل الدنيا.
[سبع وعشرين ومائتين]
وفيها قدم أبو المغيث أميراً على دمشق، فخرجت عليه قيس وأخذوا خيل الدولة من المرج، لكونه صلب منه خمسة عشر رجلاً، فوجه إليهم جيشاً فهزموه وحاصروا دمشق، وجاءهم جيش من العراق مع أمير، فأنذرهم القتال يوم الأثنين ثم كبسهم يوم الأحد وقتل منهم ألفاً وخمسمائة.
وفيها توفي الشيخ الكبير الولي الشهير العارف الرباني معدن الأسرار والمعارف الموفق في الورع والزهد المعروف بالحافي، أبو نصر بشر بن الحارث، ذكروا أنه سمع من حماد بن زيد وإبراهيم بن سعد، واعتنى بالعلم، ثم أقبل على شأنه، ودفن كتبه، وحدث بشيء يسير، وكان في الفقه على مذهب الثوري، وقد صنف العلماء في مناقبه وكراماته تصانيف، وهو مروزي الأصل من أولاد الرؤساء والكتاب.
وسبب توبته أنه أصاب في الطريق ورقة، فيها اسم الله مكتوب، وقد وطيها الأقدام، فأخذها واشترى بدرهم كان معه غالية، فطيب بها الورقة، وجعلها في شق حائط، فرأى في النوم كأن قائلاً يقول: يا بشر، طيبت اسمي، لأطيبن اسمك في الدنيا والآخرة، فلما انتبه من نومه تاب.
ويحكى أنه كان في داره مع جماعة ندماء له في اللعب واللهو، فدق عليه الباب داق، فقال للجارية، اذهبي، فانظري من بالباب، فذهبت وفتحت، وإذا فقير على الباب، فقال لها: سيدك حرام عبد؟ فقالت: بل حر، فقال: صدقت، لو كان عبداً لاستعمل داب العبيد، ثم ذهب وخلاها، فرجعت فسألها بشر عمن وجدت بالباب، وما قال لها، فأخبرته، فخرج يعدو