وإن يدي يحيى الوزير لمافل ... بها لي، وعون الدين خير كفيل
وأهدي إلى الوزير عون الدين دواة بلور مرصعة بمرجان، وفي مجلسه جماعة فيهم حيص بيص، فقال الوزير: يحسن أن يقال في هذه الدواة شيء من الشعر، فقال بعض ألفاضرين:
ألين لماود الحديد كرامةً ... يقدره في السرد كيف يريد
ولان ذلك البلور وهو حجارة ... ومعطفه صعب المرام شديد
فقال حيص بيص له: إنما وصفت صانع الدواة، ولم تصفهما؟! فقال الوزير: من غيره؟ فقال حيص بيص:
صيغت دواتك من يوميك فاشتبها ... على الأنام ببلور ومرجان
وقد تقدمت حكاية عنه في السبب الذي نال به الوزارة في ترجمة السيد الجليل الولي الحفيل ذي الوصف الجميل والمجد الأثيل معروف - عرفنا الله تعالى بركته - في سنة مائتين.
[سنة إحدى وستين وخمس مائة]
فيها كثر ببغداد إلىوافض والسب، وعظم الخطب. وفيها توفي مسند أصبهان الإمام أبو عبد الله الحسن بن العباس الأصبهاني إلىستمي الفقيه الشافعي، سمع أبا عمرو بن منده وطائفة، وتفرد ورحل إليه، وكان زاهداً ورعاً خاشعاً فقيهاً مفتياً محققاً، تفقه بجماعة. وفيها توفي الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد المغربي الصنهاجي. روى عن أبي الحسن الجذامي والقاضي عياض، وكان عألفا بالحديث وطرقه وبالنحو واللغة والنسب، كثير الفضائل وقبره بظاهر بعلبك. وفيها توفي قطب الأولياء الكرام، شيخ المسلمين والإسلام، ركن الشريعة، وعلم الطريقة، وموضح أسرار الحقيقة، حامل راية علما للمعارف والمفاخر، شيخ الشيوخ وقدوة الأولياء العارفين الأكابر، أستاذ أرباب الوجود أبو محمد محيي الدين عبد ألفادر بن أبي صالح الجيلي، قدس الله روحه ونور ضريحه، لما تحلى - رضي الله عنه - بحلل العلوم الشرعية ونال لمائفها، وتجمل بتيجان الفنون الدينية، وحاز شرائفها، وهجر في مهاجرته إلى الحق كل الخلائق، وتزود في سفره إلى ربه عز وجل أحسن الآداب وأشرف الحقائق، وعقدت له ألوية الولاية فوق العلى ذوائبها، ورفعت له منازل جلي له، في سماء القرب