إلى أبي، وكان على مذهب مالك، فقالوا:. يا أبا محمد، إن محمداً ينقطع إلى هذا الرجل، ويتردد إليه الناس، إن هذا رغبة عن مذهب أصحابنا، فجعل أبي يلاطفهم ويقول: هو حدث، ويحب النظر في اختلاف أقاويل الناس ومعرفة ذلك، ويقول: لي في السر: يا بني، الزم هذا الرجل، فإنك لو جاوزت هذا البلد فتكلمت في مسائل، فقلت فيها: قال أشهب، لقيل لك من أشهب. قال: فلزمت الشافعي، فلما قدمت بغد، قلت في مسألة: قال أشهب عن مالك، فقال القاضي بحضرة جلسائه كالمنكر: ما أعرف أشهب قال: ابن خزيمة، ما رأيت أعرف بأقاويل الصحابة والتابعين منه. وقال غيره: له مصنفات كثيرة.
[تسع وستين ومائتين]
توفي إبراهيم بن منقذ الخولاني المصري صاحب ابن وهب وتوفي الأمير عيسى بن شيخ الذهلي، وكان قد ولي دمشق، فأظهر الخلاف، وأخذ الخزائن، وغلب على دمشق، فجاء عسكر المعتمد، فالتقاهم ابنه ووزيره، فهزموا، فقتل ابنه، وصلب وزيره، وهزم عيسى، ثم استولي على آمل وديار بكر مدة.
[سبعين ومائتين]
فيها التقى المسلمون وقائد الزنج الخبيث، واجتمع مع الموفق نحو ثلاث ألف مقاتل، فالتقى الخبيث إلى جبل، ثم تراجع هو وأصحابه إلى مدينتهم، فحاربهم المسلمون فانهزم الخبيث وأصحابه، وتبعهم أصحاب الموفق يقتلون ويأسرون، ثم استقبل هو وفرسانه، وحملوا على الناس فأزالوهم، فحمل عليه الموفق والتحم القتال، فإذا بفارس قد أقبل ورأس الخبيث في يده، فلم يصدقه الموفق، فعرفه جماعة من الناس، فحينئذ ترتجل الموفق وابنه المعتضد والأمراء، فخروا سجداً لله، وكبروا، وسار الموفق فدخل بالرأس بغداد، وعملت القباب " بالموحدة أو قال القنان بالنون " وكان يوماً مشهوداً، وشرعوا يتراجعون الأمصار التي أخذها الخبيث. وكانت أيامه خمس عشرة سنة، قال بعض المؤرخين: قتل من المسلمين ألف ألف وخمس مائة ألف، وقتل في يوم واحد بالبصرة ثلاثمائة ألف، وكان الخبيث خارجياً يسب عثمان وعلياً ومعاوية وعائشة، رضي الله تعالى عنهم، وقيل كان زنديقاً يتستر بمذهب الخوارج.