فيها توفي حافظ المشرق أبو حاتم محمد بن إدريس الحنظلي الرازي في شعبان وكان بارع الحفظ واسع الرحلة، من أوعية العلم جارياً في مضمار البخاري وأبي الرازي رحمة الله عليهم.
[ثمان وسبعين ومائتين]
فيها مبدأ ظهور القرامطة بسواد الكوفة، وهم خوارج زنادقة مارقون من الدين وفيها توفي الموفق بن المتوكل، ولي عهد أخيه المعتمد، وكان ملكاً مطواعاً وشجاعاً ذا بأس وأيد ورأي وحزم، حارب الزنج حتى أبادهم، وقل طاغيتهم، وكان الجيوش إليه، ومحبباً إلى الخلق، وكان المعتمد مقهوراً معه، اعتراه نقرس فبرح به وأصاب رجله داء الفيل. وكان يقول: قد أطبق ديواني على مائة ألف مرتزق، وما أصبح، فيهم أسوأ حالاً مني، واشتد ألم رجله وانتفاخها إلى أن مات منها، وكان قد ضيق على أبنه أبي العباس وخاف منه. فلما احتضر رضي عنه، فلما توفي ولاه المعتمد ولاية العهد، ولقبه المعتضد، وكان بعض الأعيان يشبه الموفق بالمنصور في حزمه ودهائه ورأيه، قيل: وجميع الخلفاء الذين بعده من ذريته.
وفي السنة المذكورة توفي عبد الملك بن الهيثم الدير عاقولي.
[تسع وسبعين ومائتين]
فيها منع المعتضد من بيع كتب الفلاسفة والجدل، وتهدد على ذلك، ومنع المنجمين والقصاص من الجلوس.
وفيها توفي المعتمد على الله، وكانت خلافته ثلاثاً وعشرين سنة ويومين. ومات فجأة بين المغنين والندماء، فقيل: سم في رؤوس أكلها، وقيل: في كأس بالشراب. ودخل