بالكوفة. " والمريسي " منسوب إلى مريس، قيل: قرية من قرى مصر، وقيل: بين بلاد النوبة والسودان وقيل: بل منسوب إلى درب المريس ببغداد حيث كان يسكن.
وفي السنة المذكورة أيضاً توفي المأمون أبو العباس عبد الله بن الرشيد هارون بن المهدي بن المنصور العباسي، وله ثمان وأربعون سنة وكأن أبيض ربعة، حسن الوجه أعين، طويل اللحية ذا رأى وعقل ودهاء وشجاعة وكرم وحلم ومعرفة بعلم الأدب وعلوم أخرى، وكان من أذكر العالم وله همة عالية، ذا رأي في الجهاد وغيره، وكان يقول: معاوية لعمرو " بفتح العين المهملة " وعبد الملك لحجاجه، وأنا لنفسي، وكان في اعتقاده شيعياً استقل بالخلافة عشرين سنة بعد قتل أخيه الأمين لما خلعه.
ومما يحكى من ذكائه وحسن أدبه، أنه كان أبوه الرشيد يميل إليه أكثر من أخيه الأمين، وكانت أم الأمين زبيدة تغار من ذلك، وتوبخ الرشيد على ميله إلى ولد الجارية فقال لها على طريق الإعتذار، سأبين لك فضلهما، أو قال: فضله على أخيه، فاستدعى بالأمين وكانت عنده مساويك فقال له: ما هذه يا محمد. فقال: مساويك، فقال: اذهب، ثم استدعى بالمأمون، فلما أحضر قال: ما هذه يا عبد الله؟ فقال: ضد محاسنك أمير المؤمنين، أو كما قال له من العبارة، كل ذلك وزبيدة تسمع ليمهد عذره عندها.
قلت: وهذا ما اقتصرت عليه في ترجمته، وله ما يكثر ذكره من الفضائل، وقد وقع ذكر شيء منها في غير هذا المكان.
وفيها توفي ناصر السنة محمد بن نوح العجلي، المحمول مقيد مع الإمام أحمد، مرض ومات في الطريق وكان يثبت أحمد ويشجعه.
[تسع عشرة ومائتين]
فيها: وقيل في التي بعدها: امتحن المعتصم الإمام أحمد وضرب بين يديه بالسياط حتى غشي عليه، فلما صمم ولم يجبهم إلى مرادهم أطلقه وندم على ضربه، وقد أوضحت في كتاب " المرهم في الأصول " كيفية ذلك الإمتحان، ومن حرض عليه من علمائهم، لحق المتولين ذلك من العقوبة.
وفيها توفي أبو أيوب سليمان بن علي الهاشمي، كان إماماً فاضلاً شريفاً، روي أن الإمام أحمد بن حنبل أثنى على سليمان بن علي، وقال: يصلح للخلافة.