للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الكتاب، فأبيت ساهراً فرحاً مني بتلك الفائدة، وأحدكم يجيئني، فيقيم أربعة أو خمسة أشهر، فيقول قد أقمت كثيراً.

وقال الهلال بن العلاء الرقي: من الله تعالى على هذه الأمة بأربعة في زمانهم: " بالشافعي " تفقه في حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، " وبالإمام أحمد " ثبت في المحنة، ولولا ذلك لكفر الناس أو قال ابتدعوا، " ويحيى بن معين " نفى الكذب عن حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وبأبي عبيد القاسم بن سلام، فسر غريب الحديث، ولولا ذلك لإقتحم الناس الخطأ.

وقال أبو بكر الأنباري: كان أبو عبيد يقسم الليل أثلاثاً: فيصلي ثلثه، وينام ثلثه، ويضع الكتاب ثلثه.

وقال أبو الحسن إسحاق بن راهويه: أبو عبيد أوسعنا علماً، وأكثرنا جمعاً، إنا نحتاج إلى أبي عبيد، وأبو عبيد لا يحتاج إلينا. وقال ثعلب: لو كان أبو عبيد في بني إسرائيل لكان عجباً، وكان يخضب بالحناء، أحمر الرأس واللحية، ذا وقار وهيبة، قدم بغداد فسمع الناس منه كتبه، ثم حج بمكة سنة اثنتين أو ثلاثاً وعشرين ومائتين، وقال البخاري: في سنة أربع وعشرين.

وذكر الإمام ابن الجوزي أنه لما قضى حجته، وعزم على الإنصراف، اكترى إلى العراق، فرأى في الليلة التي عزم على الخروج في صبيحتها في منامه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهو جالس وعلى رأسه قوم يحجبونه، وأناس يدخلون، ويسلمون عليه ويصافحونه. قال: فكلما دنوت لأدخل منعت، فقلت: لم لا تخفون بيني وبين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ فقالوا: والله، لا تدخل إليه، ولا تسلم عليه، وأنت خارج غداً إلى العراق، فقلت لهم: إني لا أخرج إذن، فأخذوا عهدي، ثم خلوا بيني وبين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فدخلت وسلمت عليه، وصافحني، وأصبحت ففسخت الكري، وسكنت بمكة، قال: ولم يزل بها إلى أن توفي رحمة الله عليه.

قال أبو عبيد: كنت مستلقياً في المسجد الحرام، فجاءتني عائشة المكية، وكانت من العارفات، فقالت لي: يا أبا عبيدة يقال أنك من أهل العلم، اسمع مني ما أقوله لك: لا تجالسه إلا بالأدب وإلا محاك من ديوان العلماء، أو قالت: من ديوان الصالحين، أو كما قالت رضي الله تعالى عنها.

<<  <  ج: ص:  >  >>