للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأرواحنا في وحشة من جسومنا ... وحاصل دنيانا أذىً ووبال

ولم تستفد من بحثناطول عمرنا سوى أن جمعنا فيه قيل وقال وكم من جبال قد علت شرفاته رجال فزالوا والجبال جبال

وكم قد رأينا من رجال ودولة ... فبادوا جميعًا مسرعين وزالوا

وكان العلماء يقصدونه من البلاد، وتشد إليه الرحال من الأقطار.

وحكى شرف الدين بن عنين أنه حضر عرسه يومًا، وهو يلقي الدروس في مدرسته ودرسه حفل بالأفاضل واليوم شات وقد سقط ثلج كثير، فسقطت بالقرب منه حمامة، وقد طردها بعض الجوارح، فلما دفعت ما رجعت خوفًا من الحاضرين في المجلس، ولم تقدر الحمامة على الطيران من خوفها وشدة البرد، فلما قام فخر الدين من الدرس وقف عليها ورق لها وأخذها.

قلت: هكذا حكى والدي حكوا في علم المعاني والبيان أنها وقعت في حجر الإمام فخر الدين فأنشده بن عنين في الحال.

يا ابن الكرام المطمعين إذا استواى ... في كل مسغبة وثلج خاشف

الغامضين إذ االنفوس تطايرت ... بين الصوارم والوشيح الزاعف

من نبأ الورقاء أن ... محلكم حرم وأنك ملجأ للخائف

مع أبيات أخرى منها قوله:

جاءت سليمان الزمان لشكوها ... والموت تلمع من جناحي خاطف

وهذا البيت مع البيت الثالث هما اللذان المذكوران في علم المعاني والبيان من المبدعات إذا افتتحا بقوله جاءت سليمان الزمان حمامة إلى آخره، ثم أتبع بقوله: من نبأ الورقاء أن محلكم إلى آخره كانا من الموجز المبدع قوله: خاشف هو بالخاء والشين المعجمتين يقال: خشف الثلج إذا تحرك، ومنه قول الشاعر يصف البرده:

إذا كبد النجم السماء يشو ... على حين هر الكلب والثلج خاشف

<<  <  ج: ص:  >  >>