عدن، وأخذها بمساعدة يافع إذ كانوا هم الذين رتبوا في حصونها وجبالها يحرسونها، ولم يزل ذا نجدة وشجاعة يقاتل قدام الجيش، وملكه يزيد ويعلوا إلى أن لزموا أمر مصر في حجته، وساعدهم الشريف عجلان صاحب مكة، وانخذل عسكره، ولم يزل مخذولاً بعد ذلك، وملكه يضعف وينزل إلى أن لم يبق له من ملك اليمن شيء يعتد به، وكان قد عاهد الله بعدما لزم أنه يعدل، فلما تخلص من المحن، ورجع إلى اليمن لم يف بذلك، وانعطف بل زاد ظلمه، ولم يزل الظلم يقوى، والملك يضعف إلى أن تلاشى، وذهب بالكلية، ونسأل الله العفو والعافية من كل بلية.
وفيها ضرب بمصر الشهاب بن مري اليمني، وسجن لنهيه عن الاستغاثة والتوصل بأحد غير الله، ومقت لذلك، ثم فر إلى أرض الجزيرة، فأقام هناك سنين، ورجع ملك التكرور موسى، فخلع عليه السلطان خلعة الملك، وعمامة مدورة، وجبة سوداء، وسيفاً مذهباً.
وفيها مات بمصر الإمام شيخ القراء تقي الدين محمد بن أحمد بن عبد الخالق المصري الشافعي الخطيب ابن الصائغ عن ثمان وثمانين سنة، تلا بالسبع على الكمالين الضريري، وابن فارس، واشتهر وأخذ عنه خلق، ورحل إليه، وكان ذا دين وخير وفضيلة، ومشاركات قوية.
وفيها مات شيخ الحديث بالمنصررية نور الدين علي بن جابر الهاشمي اليمني الشافعي، حدث عن الزكي البيلقاني، وعرض عليه الوجيز للغزالي، وله مشاركات وشهرة. وفيها مات بالكرك قاضيها العلامة الورع عز الدين محمد بن أحمد بن إبراهيم ابن الأميوطي الشافعي، حكم بالكرك نحواً من ثلاثين سنة، وتفقه به الطلبة، وحدث عن قطب الدين القسطلاني وغيره، وهو والد شرف الدين قاضي بلبيس، ثم قاضي مدينة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وخطيبها وإمامها.
وفيها مات بدمشق الإمام شيخ الإسلام، بقية الفقهاء الزهاد، خطيب العقبية صدر الدين سليمان بن هلال الهاشمي الجعفري الحوراني الشافعي، عن ثلاث وثمانين سنة، تفقه بالشيخين محي الدين، وتاج الدين، وناب عن ابن صصري، وبينه وبين جعفر الطيار ثلاثة عشر أباً، وكان متزهداً في ثوبه، وعمامته الصغيرة، ومأكله. وفيه تواضع، وترك