للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المصطفين الكرام.

ومنهم في جبال اليمن الشيخ الكبير الشأن أحمد بن علوان القائل:

جزت الصفوف إلى الحروف إلى الهجا ... حتى انتهيت مراتب الإبداع

لا باسم ليلى أستعين على السرى ... كلا ولا لبني ترد شراعي

ومن كراماته أن ذرية الفقهاء الذين كانوا ينكرون عليه صاروا يلوذون عند النوائب بقبره، ويستجيرون من خوف السلطان به، وإلى ذلك، وبعض مناقبه الحميدة أشرت في القصيدة:

وكم لابن علوان على الدهر من علا ... فتى برداً مجد المعارف مرتدي

ولي على الأيام يعلو بمنصب ... إلى فوق علياء المفاخر مصعد

وأعداؤه تهوى مناصبهم إلى ... ترى أرضهم من متهميها ومنجد

فما زال في جيش من النصر مسعد ... له تحت رايات العناية منجد

إلى أن لهم أمسى ملاذ أو ملجأ ... وحصناً لذي طعن وللهجو منشد

ومنهم في زبيد الشيح الكبير العارف، ذو الكرامات والمعارف، المشهور بالولاية، والكرامات الخارجات عن حصر التعداد أبو العباس أحمد بن أبي الخير المعروف بالصياد وإليه الإشارة بقولي: وصيادهم سامي العلا والفضائل، وأشرت إليه أيضاً في غزل القصيدة المذكورة. بقولي مشيراً إلى محاسنه وتقدم زمانه:

كحسناء زهت قدماً بعالي جمالها ... سبت كم فتى صادت بنصب حبائل

وكان أمياً، فحصل له من فضل الله تعالى ما اعترف به العلماء، وتأدب له به الأولياء، وهو من قدماء شيوخ اليمن. أدرك زمن ولاية الحبشة بها.

ومن عجائب كراماته أنه كان في وقت في مسجد الفازة على ساحل زبيد، وعنده شخص من تلامذته، فدخل عليه بعض الناس، وقال له: هذا تلميذك يا صياد، فسكت، فقال لصاحبه: هذا شيخك. قال: نعم، فقال: إن كان لك تلميذاً يا صياد، فمره فليمش على الماء، وليأتنا بحجر من الجبل الفلاني، وهو في موضع تصل إليه السفن في نصف يوم، فغضب الصياد، وقال لتلميذه: اذهب، فامش على البحر مسرعاً وآتنا بحجر من الجبل المذكور، فذهب المريد إلى البحر، ومشى عليه مسرعاً كأنه يجري على الأرض، فلحقه المنكر جارياً على الساحل، وسأله أن يرجع، فلم يرجع، فاستغفر الله تعالى إلى الشيخ، وسأله وتضرع إليه طالباً العفو، ورجوع التلميذ فناداه الشيخ أن أرجع فرجع.

<<  <  ج: ص:  >  >>