فلما رجع إلى الكوفة حدث، فقيل له في ذلك، فقال: انشر يدك حيث تعرف، وقيل للحسن البصري أن الحجاج قد قتل سعيد بن جبير، فقال: اللهم أنت على فاسق ثقيف، والله لو أن من أهل المشرق والمغرب اشتركوا في قتله لكبهم الله في النار. وقال الإمام أحمد بن حنبل قتل الحجاج سعيد بن جبير وما على وجه الأرض أحد إلا وهو مفتقر إلى علمه، ولم يسلطه الله بعده على قتل أحد. وذكر بعضهم أنه لما أراد أن يقتله قال له: ما اسمك. قال: سعيد قال ابن من؟ قال: ابن جبير قال الحجاج: بل أنت شقي بن كثير قال: الله أعلم بي إذ خلقني قال: وجهوا به القبلة واقتلوه، فلما فعلوا به ذلك قال وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً، وما أنا من المشركين. قال: حولوا وجهه عن القبلة فحولوه، فقال: فأينما تولوا فثم وجه الله. ولما قتله سال منه دم كثير، فاستدعى الحجاج الأطباء وسألهم عن ذلك، وعمن كان قبله فإنهم كان يسيل منه دم قليل، فقالوا: لأن هذا قتلته ونفسه معه والدم تبع النفس، وغيره قتلتهم وأنفسهم ذاهبة من الخوف فلذلك دمهم قليل. وقيل إن الحجاج لما حضرته الوفاة كان يغيب ثم يفيق ويقول: ما لي؟ ولسعيد بن جبير وأنه قيل له في النوم بعد موته ما فعل الله تعالى بك؟ قال قتلني بكل قتيل قتلة واحدة وقتلني بسعيد بن جبير سبعين قتلة، فإنه كان في مدة مرضه إذا نام رأى سعيد بن جبير أخذ بمجامع ثوبه يقول يا عدو الله فبم قتلتني؟ فيستيقظ مذعوراً ويقول ما لي ولسعيد؟ كان عمر بن جبير تسعاً وتسعين سنة، وقبره يزار في واسط، رضي الله عنه. وفي السنة المذكورة توفي أبو إسحاق ابراهيم بن عبد الرحمن بن عوف روى عن أبيه وسعيد وجماعة. وفيها توفي السيد الجليل الصفوة الفقيه العابد المجاب الدعوة مطرف بن عبد الله بن الشخير بكسر الشين والخاء المعجمتين والتشديد وسكون الياء المثناة من تحت وفي آخره راء العامري البصري روى عن علي وعمار. وفيها توفي فقيه العراق الإمام بالاتفاق أبو عمران ابراهيم بن يزيد النخعي، اخذ عن علقمة والأسود ومسروق، ورأى عائشة وهو صبي، ولما حضرته الوفاة جزع جزعاً شديداً فقيل له في ذلك فقال: وأي خطر أعظم مما أنا فيه؟ أتوقع رسولاً يرد علي إما بالجنة وأما بالنار والله لوددت أنها تجلجل في حلقي إلى يوم القيامة يعني نفسه والنخع بفتح النون والخاء المعجمة وبعدها عين مهملة قبيلة كبيرة من مذحج باليمن سميت باسم الجد لأنه