فانظر إلى ما أدرجت تحت مملكة انقاد لها الإنام عبيداً وطوت تحت زوال نعم يرثي من زوالها من كان حسوداً، وقصرت طول زمان ملك طال أشهراً وسنينا يقولها عند وصف ذلك: فأصبحنا وأمسينا فانظر إلى بعد التفاوت بين هذه الأطراف وما جمعت في ذلك من الحسن المقابل بالاعتراف، ولعل مراد الإمام الشعبي رحمه الله تعالى بقوله: فما أنسى جمالها أي في هذا الخطاب المشتمل على أحسن الجواب، ومما يدل على ذلك أن انسياق الكلام كان في حكاية الشعبي: الإيجاز في الخطاب وحسن النظام، وقد صرحت في بعض قصائدي أن المحاسن المعنوية تفضل على المحاسن الجسمية. وقال المغيرة استقضى الشعبي والحسن في أيام عمر بن عبد العزيز، فشكيا جميعاً فعزلا: قلت هذا النقل غريب لا يكاد يعرف، والشعبي نسبة إلى شعب بفتح الشين المعجمة وسكون العين المهملة، قال ابن خلكان بطن من همدان، وقال الجوهري في الصحاح هذه النسبة إلى جبل باليمن نزله حسان بن عمرو الحميري هو وولده ودفن به، قلت: وشعب في بلاد اليمن مكان معروف بالقرب من موضعنا، والله اعلم أي لك هو. وفي السنة المذكورة توفي خالد بن معدان الكلاعي الفقيه العابد، قيل إنه كان يسبح في اليوم أربعين ألف تسبيحة، وأنه قال لقيت سبعين من الصحابة. وفيها وقيل قبل المائة توفي عامر بن سعد بن أبي وقاص، وكان ثقة كثير العلم. وفيها وقيل في سنة سبع توفي أبو قلابة الجرمي عبد الله بن زيد الإمام البصري وقد طلب للقضاء فهرب، وقدم الشام فنزل بداريا، وكان رأساً في العلم والعمل، وفيها وقيل في التي قبلها وقيل في ست أو سبع ومائة توفي أبو بردة عامر بن أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري قاضي الكوفة، كان أبوه صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قدم علمه من اليمن مع الأشعريين فأسلموا، وهو الذي قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في صوته:" لقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داود " وقد تقدم هذا مع غيره في ترجمته، ثم صار ابنه المذكور قاضياً على الكوفة، وليها بعد القاضي شريح على ما ذكر بعضهم في الطبقات، وله مكارم ومآثر مشهورة، وتولى ولده بلا قضاء البصرة، وهم الذين يقال فيهم ثلاثة قضاة في نسق. وفيهم قلت:
ثلاثة أمجاد قضاة جميعهم ... على نسق للاشعري انتسابهم
وأعي أبا موسى الصحابي ذا العلا ... فتى صوته مزمارهم وربابهم
وبيان النسق المذكور أن أبا موسى قضى بالبصرة لعمر. ثم بالكوفة لعثمان رضي الله