قال له يحيى: صدقت، وأمر بحمله إلى داره، فلما رجع من دار الخليفة سأله عن حاله، فذكر أنه قد تزوج، وقد أخذ بواحدة من ثلاث: اما أن يؤدي المهر وهو أربعة آلاف، وإما أن يطلق، وإما أن يقيم للمرأة منزلاً وخادماً وما يكفيها إلى أن يتهيأ له نقلها، فأمر له يحيى بأربعة آلاف للمهر وأربعة آلاف لثمن منزل وأربعة آلاف للكفاية وأربعة آلاف للخدمة وما يتعلق بها، او كما قال وأربعة آلاف يستظهر بها، فانصرف بعشرين ألفاً. وذكر الخطيب في تاريخ بغداد في ترجمة أبي عبد الله محمد بن عمر الواقدي أنه قال: كنت خياطاً بالمدينة في يدي مائة ألف درهم للناس أضارب بها، فتلفت الدراهم، فشخصت إلى العراق، فقصدت يحيى بن خالد، فجلست في دهليزه وأنست الخدم والحجاب وسألتهم أن يوصلوني إليه، فقالوا: اذا قدم الطعام إليه لم يحجب عنه أحداً، ونحن ندخلك إليه ذلك الوقت، فلما حضر طعامه أدخلوني فأجلسوني معه على المائدة فسألني من أنت وما قصتك؟ فأخبرته، فلما رفع الطعام غسلنا أيدينا دنوت منه لأقبل رأسه فاشمأز من ذلك، فلما صرت إلى الموضع الذي نزلت فيه لحقني خادم معه كيس فيه ألف دينار، وقال: الوزير يقرأ عليك السلام ويقول لك: استعن بهذا على أمرك وعد إلينا من الغد، فأخذته وعدت إليه في اليوم الثاني فجلست معه على المائدة، فأنشأ يسألني كما سألني في اليوم الأول، فلما رفعوا الطعام دنوت منه لأقبل رأسه فاشمأز مني، فلما صرت إلى الموضع الذي نزلت فيه لحقني خادم معه كيس فيه ألف دينار، فقال له: كما قال في الأول ثم عاد إليه في اليوم الثالث، ثم كذلك إلى اليوم الرابع كل يوم يعطيه كيساً فيه ألف دينار، ثم بعد إعطاء الأربعة الأكياس مكنه من تقبيل رأسه وقال له: انما منعتك ذلك قبل هذا لأنه لم يكن وصل إليك من معروفي ما يقتضي هذا، والآن قد لحقك بعض النفع مني يا غلام أعطه الدار الفلانية يا غلام افرشه الفراش الفلاني يا غلام أعطه مائتي ألف درهم، يقضي دينة بمائة ألف، ويصلح شأنه بمائة ألف، ثم قال الزمني فكن في داري فقلت: اعز الله الوزير لو أذنت لي بالشخوص إلى المدينة لأقضي الناس أموالهم ثم أعود إلى حضرتك كان ذلك أرفق بي، قال: قد فعلت وأمر بتجهيزي فشخصت إلى المدينة وقضيت ديني ثم رجعت إليه فلم أزل في ناحيته.