وكان لمزني يقول: لو وزن عقل الشافعي بعقل نصف أهل الأرض رجح. قلت: هكذا قال: أرض بالتنكير، فليعلم ذلك، وقال: لو رأيتم الشافعي لقلتم في كتبه أنها ليست من تصانيفه، والله إن لسانه كان أكثر من كتبه.
وقال القاسم بن سلام: ما رأيت رجلاً قط أضل ولا أورع ولا أفصح ولا أبسل من الشافعي، وكان أبو حاتم الرازي يقول: لولا الشافعي لكان أصحاب الحديث في عمى.
وقال بعض الأئمة: كان أئمة الحديث مأسورين في أيدي المعتزلة. حتى ظهر الإمام الشافعي، وقال الحسن بن محمد الزعفراني: إن محمد بن الحسن يعني صاحب الإمام أبي حنيفة قال: إن تكلم أصحاب الحديث يوماً فبلسان الشافعي.
وقال بشر المريسي من أئمة المبتدعة لما رجع من مكة إلى بغداد: رأيت شاباً بمكة من قريش ما أخاف على مذهبنا إلا منه، وكان الجاحظ من أئمتهم يقول: نظرت في كتب هؤلاء التابعة الذين اتبعوا في العلم يعني أهل السنة فلم أر أحسن تأليفاً من المطلبي، أن لسانه ينظم الدرر، وكذلك الزمخشري من أئمتهم، ومكانه من علم العربية معروف، صدر منه الإعتراف في كتابه " الكشاف " للشافعي: بالتقدم في علم العربية وإرتقائه في الفضل لدرجة العلية في تفسير قوله تعالى: " ذلك أدنى أن لا تعولوا ") النساء: ١٣، (وذكر فيه الوجوه المروية عن الشافعي، ثم بين وجه تصحيحها، ثم قال: وكلام مثل الشافعي من أعلام العلم وأئمة الشرع ورؤوس المجتهدين حقيق بأن يحمل على الصحة والسداد. قال: كفى بكتابنا المترجم " كتاب شافي العي من كلام الشافعي " شاهداً بأنه كان أعلى كعباً أطول باعاً في كلام العرب من أن يخفى عليه مثل هذا.
قلت: يعى في قول الشافعي معناه: يكثر عيالكم، وقول المفسرين معناه، تعيلوا وتجوروا، وإنه يقال: أعال، لا عال، إذا أريد كثرة العيال. قيل: إلا أن يحمل على العقبى، لأن المعيل قد يعول. وأنشد بعضهم على قول المفسرين:
وميزان حق لا يعول شعيره ... ووزان صدق، وزنه غير عائل
وأنشد أيضاً على قول الشافعي:
وإن الموت يأخذ كل حي ... بلا شك وإن أثرى وعالاً
وقال الأصمعي: قرأت شعر الشنفري " بفتح الشين المعجمة وسكون النون وفتح الفاء والراء " الأزدي على محمد بن إدريس الشافعي.
وقال المازني: قول محمد بن إدريس حجة في اللغة، وذكر نحوه عن ثعلب