للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عن الشاذلي المشهور شيخ زمانه ... إمام الهدى القطب الرضي المتورعا

وأيضاً من الأوتاد من قبل ذا إلى ... شهير روايات عن الخضر مسمعا

عليه سلام الله أكرم سيد ... حضيض اصطفى في قلبه السر أودعا

ومولده: سنة خمسين ومائة، وقد قيل أنه ولد في اليوم الذي توفي فيه الإمام أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه.

قلت: وبيننا وبين الحنفية مقاولة على سمبيل المزاح، فهم يقولون إمامكم كان مخفياً حتى ذهب إمامنا، ونحن نقول: لما ظهر إمامنا هرب إمامكم. وكان مولده رضي الله تعالى عنه في بلاد غزة، وقيل بعسقلان، وقيل باليمن، والأول أصح. وحمل إلى مكة وهو ابن سنتين، ونشأ بها وقرأ القران الكريم.

وحديث رحلته مشهور فلا نطول بذكره، وقدم بغداد، فأقام بها سنتين، وصنف بها كتبه القديمة، ووقع بينه وبين محمد بن الحسن مناظرات كثيرة، وبارتفاع شأن الشافعي عند هارون الرشيد شهير، وقد أوضحت ذلك في غير هذا الكتاب.

وذكر بعضهم: أنه لما ظهر عليه الإمام الشافعي في بعض مناظراته، أمر الرشيد الشافعي بجر رجل محمد بن الحسن، فأخذ الشافعي عند ذلك يمدح محمد بن الحسن، ويقول: يا أمير المؤمنين، ما رأيت سمينا أفقه منه، فخلع الخليفة عليهما، وحمل كل واحد منهما على مركوب، وأمر للإمام الشافعي بخمسين ألف درهم، فما وصل الشافعي بيته، حتى تصدق بجميع ذلك، ووصل به الناس. ثم رجع إلى مكة، ثم عاد إلى بغداد، فأقام بها شهراً ثم خرج إلى مصر، وصنف بها كتبه الجديدة، ولم يزل بها إلى أن توفي في اليوم الجمعة آخر يوم من رجب، ودفن بعد العصر من يومه بالقرافة الكبرى، وقبره يزار بها، وعليه ضربت قبة عظيمة.

قال: الربيع المزادي: رأيت هلال شعبان وأنا راجع من جنازته، قال: ورأيت في المنام قبل موت الشافعي بأيام، كأن آدم صلى الله عليه وآله وسلم مات، والناس يريدون أن يخرجوا بجنازته، فلما أصبحت سألت بعض أهل العلم عن ذلك، فقال: هذا موت أعلم أهل الأرض، لأن الله تعالى علم آدم الأسماء كلها، فما كان إلا يسيراً، حتى مات الشافعي رحمه الله عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>