وإلفة، واشتراك في الإشتغال بعلوم الحديث، وكان ينشد:
المال يذهب حله وحرامه ... طراً ويبقى في غد آثامه
ليس التقي بمتق لإلهه ... حتى يطيب شرابه وطعامه
ويطيب ما يحوي ويكتب كفه ... ويكون في حسن الحديث كلامه
نطق النبي كتابه عن ربه ... فعلى النبي صلاته وسلامه
وقد ذكره الدارقطني فيمن روى عن الإمام الشافعي، وقد سبق في ترجمة الشافعي، ما جرى منه في حقه بينه وبين الإمام أحمد في مشية تحت ركاب بغلة الشافعي، وقول الإمام أحمد له: لو لزمت البغلة لانتفعت، وقيل: إنه لما خرج من المدينة سمع في النوم هاتفاً يقول: يا أبا زكريا أترغب عن جواري؟. فرجع وأقام بها ثلاثة، ثم توفي رحمة الله عليه.
وفي السنة المذكورة، وقيل في سنة سبع وأربعين، وهو اختيار الذهبي، توفي الإمام النحوي أبو عثمان بكر بن محمد المازني البصري، وكان إمام عصره في النحو والأدب، أخذ الأدب من أبي عبيدة والأصمعي وأبي زيد الأنصاري وغيرهم، وأخذ عنه أبو العباس المبرد، وانتفع به، وله تصانيف في فنون من العربية. قال أبو جعفر الطحاوي: سمعت القاضي بكار بن قتيبة قاضي مصر يقول: ما رأيت نحوياً يشبه الفقهاء إلا حيان بن هرمة المازني، وكان في غاية الورع بما روى عنه المبرد: أن بعض أهل الذمة قصده ليقرأ عليه كتاب سيبويه، وبذل له مائة دينار في تدريسه إياه، فامتنع أبو عثمان من ذلك، قال: فقلت: جعلت فداك، أترد هذه المنفعة مع فاقتك وشدة حاجتك. فقال: إن هذا الكتاب يشتمل على ثلاث مائة وكذا وكذا آية من كتاب الله عز وجل، ولست أرى أن أمكن منها ذمياً، غيرة على كتاب الله عز وجل وحمية له.
قال فاتفق أن غنت جارية بحضرة الواثق بقول العرجي " بفتح العين المهملة وسكون الراء وقيل ياء النسبة جيم ".
أظلوم أن مصابكم رجلاً ... رد السلام تحية ظليم
فاختلف من في الحضرة في إعراب " رجل "، فمنهم من نصبه وجعله اسم إن، ومنهم رفعه على أنه خبرها، والجارية مصرة على أن شيخها أبا عثمان المازني لقنها إياه بالنصب، فأمر الواثق بإشخاصه، قال أبو عثمان: فلما مثلت بين يديه قال: ممن الرجل؟ قلت: من بني مازن، قال: أي الموازن. أمازن تميم أم مازن قيس أم مازن ربيعة؟. ولم يذكر في الأصل مازن اليمن وهو مازن ابن الأزد بن الغوث، ونسبه معروف، إلى قحطان قال: قلت من مازن ربيعة، فكلمني بكلام قوم، فقال: ما إسمك؟ لأنهم كانوا يقلبون الميم باء،