تكفيره، ومنهم من يتوقف فيه. والمحققون اعتذروا عنه، وأجابوا عما صدر عنه بتأويلات، ومنهم القطب أستاذ العارفين الأكابر الذي خضعت لقدمه رقاب كل ولي من باد وحاضر، الشيخ الشريف الحسيب النسيب محي الدين عبد القادر الجيلي، والشيخ الكبير العارف بالله الشهير إمام الطريقة ولسان الحقيقة الشيخ شهاب الدين السهروردي، والإمام رفيع المقام حجة الإسلام أبو حامد محمد الغزالي وغيرهم ممن يطول ذكرهم، بل يتعذر حصرهم.
وممن قال به وقبله وصحح حاله وجعله أحد المحققين ولم يخرجه عن أئمة الصوفية العارفين السالكين المرشدين الشيوخ الجلة العارفين بالله الأئمة، الشيخ أبو العباس بن عطا، والشيخ أبو القاسم النصر أبادي، والشيخ أبو عبد الله بن خفيف المذكور بالحسين بن منصور، عالم رباني.
فمن كلام الشيخ عبد القادر رحمه الله فيه مما روى الشيخ أبو القاسم عمر البزار بالإسناد في مناقبه قال: سمعت سيدي الشيخ محمد الدين عبد القادر الجيلي رضي الله تعالى عنه يقول: عثر الحسين الحلآج، فلم يكن في زمنه من يأخذ بيده، ولو كنت في زمنه لأخذت بيده، وأنا لكل من عثر مركوبه من أصحابي ومريدي ومحبي إلى يوم القيامة آخذ: ومن كلامه فيه أيضاً قوله: فمن مناقبه المروية عنه: طار طائر عقل بعض العارفين عن وكره، سحره صورته، وعلا إلى السماء خارقاً صفوف الملائكة. كان بازياً من بزاة الملك، مخيط العينين بخيط وخلق الإنسان ضعيفا فلم يجد في السماء ما يحاول من الصيد، فلما لاحت له فريسة رأيت ربي زاد تحيره في قول مطلوبه:" أينما تولوا فثم وجه الله "" البقرة: ١١٥، "، عادها بطاً إلى حظيرة خطة الأرض، طلب ما هو أعز من وجود النار في قعر البحار، تلفت بعين عقله فما شاهد سوى الآثار، فكر فلم يجد في الدارين مطلوباً سوى محبوبه، فطرب فقال بلسان شكر قلبه: أنا الحق، ترنم بلحن غير معهود من البشر، صغر في روضة الوجود صغراً لا يليق ببني آدم، لحن بصوته لحناً عرضه فخفقه، نودي في سره يا حلاج، اعتقدت أن قوتك بك؟ قال: لأن نيابته عن جميع العارفين حسب الواحد إفراد الواحد. قل يا محمد، أنت سلطان الحقيقة، أنت إنسان عين الوجود، على عتبة باب معرفتك تخضع أعناق العارفين، في حمى جلالتك توضع جباه الخلائق أجمعين.
ومن كلام الشيخ عبد القادر أيضاً في الحلاج مسطوراً عنده في مناقبه المروية بالأسانيد قال رضي الله تعالى عنه: طار واحد من العارفين إلى أفق الدعوى بأجنحة أنا الحق رأى روض الأبدية خالياً عن الحسيس والأنيس، صفر بغير لغة تعريضاً لخيفة، ظهر عليه عقاب الملك من مكمن أن الله لغني عن العالمين، أنشب في إهابه مخلاب كل نفس ذائقة الموت. قال له: شرع سليمان الزمان، لم تكلمت بغير لغتك، ثم ترنمت بلحن غير معهود من مثلك؟.