الساطرون، " بكسر الطاء " وسبب ذلك أنها كانت عادتهم إذا حاضت المرأة أنزلوها إلى الربض وحاضت ابنة الملك المذكور، وكانت في غاية الجمال، فأنزلوها إلى الربض، فأشرفت ذات يوم فأبصرت أزدشير من أجمل الرجال، فهوته، وأرسلت إليه أن يتزوجها وتفتح له الحصن، واشترطت عليه. فألزم لها ما طلبت، ثم اختلفوا في السبب الذي دلته عليه حتى فتح الحصن، فالذي قاله الطبري أنها دلته على طلسم في الحصن، وكان في علمهم أنه لا يفتح حتى تؤخذ حمامة زرقاء، ثم يرسل الحمامة فتنزل على سور الحصن، فيقع الطلسم، فيفتح الحصن، ففعل أزدشير ذلك، واستباح الحصن حينئذ، وخربه وأباد أهله. وسار ببنت الملك، وتزوجها. فبينا هي نائمة على فراشها ليلاً إذ جعلت تتململ لا يأخذها النوم، فقال لها زوجها: أراك لا تنامين؟ قالت: ما نمت على فراش أحسن من هذا الفراش، وأنا أحس شيئاً يؤذيني. فأمر بالفراش فأبدل، فلم تنم أيضاً حتى أصبحت وهي تشتكي جنبها، فنظر إليها فإذا ورقة آس قد لصقت ببعض عكتها، وقد عذبتها، فعجب من ذلك وقال: أهذا الذي أسهرك. قالت: نعم، قال: فما كان أبوك يصنع لك. قالت: كان يفرش لي الديباج، ويلبسني الحرير، ويطعمني المخ والزبد والشهد من أبكار النحل، ويسقيني الخمر الصافي. قال: فكان جزاء أبيك ما صنعت به؟ أنت إلي بذلك أسرع. ثم أمر بها فشدت دوائبها إلى فرسين جامحين، ثم أرسلا فقطعاها. قال بعض المؤرخين: وإنما ذكرت هذه الحكاية لكونها غريبة.
وفيها توفي مضر بن أحمد الخبزارزي. كان أمياً، وكان يخبز خبز الأرز وينشد الأشعار المقصودة على الغزل، والناس يزدحمون عليه، ويتطرفون باستماع شعره، ويتعجبون من حاله وأمره، وذكره جماعة من كبار المؤرخين، وأوردوا له عدة مقاطع من شعره، فمن ذلك قوله:
خليلي هل أبصرتما أوسمعتما ... بكرم من مولى يمشي إلى عبد
أتي زائراً من غير وعد وقال لي ... أجلك عن تعليق قلبك بالوعد
فما زال نجم الوصل بيني وبينه ... تدور بأفلاك السعادة والسعد
وحكى الخالد بأن الشاعر المشهور في كتاب الهدايا والتحف الخبزارزي المذكور، أهدى إلى والي البصرة فصاً وكتب معه: