ومن القسم الأول: الفقيه الإمام أحد الأولياء الكرام العالي المقام، صاحب الكرامات العظام، الشيني سفيان اليمني الحضرمي، ترك الإشتغال لما قيل له: إذا أردتنا فاترك القولين والوجهين.
ومن القسم الثاني: الفقيهان الإمامان الكبيران السيدان الوليان الشهيران، صاحبا المقامات العلية والكرامات الرضية، والمناقب العديدة والمحاسن الحميدة، زين الزمن وبركة اليمن: أبو الذبيح إسماعيل بن محمد الحضرمي، وأبو العباس أحمد بن موسى المعروف بابن عجيل. رضي الله عنهما.
رجعنا إلى ما كنا نحن بصدده، قال إمام المحدثين عمدة المسندين الحافظ الكبير السيد الشهير، قدوة الأئمة أكابر أبو القاسم ابن عساكر رحمه الله فكفى أبا الحسن فضلاً أن يشهد بفضله مثل هؤلاء الأئمة، وحسبه فخراً أن يثني عليه الأماثل من علماء الأمة، ولا يضر قدح من قدح فيه لقصور الفهم وعناءة الهمة، ولم يبرهن على ما يدعيه في حقه، إلا بنفس الدعوى ومجرد التهمة.
وقاد الإمام الحافظ الحبر المحقق الماهر، والبحر الخضم الطامي الزاخر، المشتمل على نفيس الدرر وعوالي الجواهر، الجامع بين المعقول والمنقول، والفروع والأصول. الصافي من سائر البدع، النقي أحمد بن الحسين، المكنى بأبي بكر البيهقي في أثناء رسالته:" الحسناء البالغة المرضية في مكاتبة العميد واستعطافه لنصرة الأشعرية ". ثم إنه أعز الله تعالى نصره صرف كلمته العالية إلى نصرة دين الله تعالى، وقمع أعداء الله عز وجل، بعدما تقرر للكافة حسن اعتقاده بتقرير خطباء أهل مملكته، على لعن من استوجب اللعن من أهل البدع ببدعته. فألقوا في سمعه ما فيه مساءة أهل السنة والجماعة كافة، ومصيبتهم عامة، من الحنفية والمالكية والشافعية، الذين لا يذهبون في التعطيل مذهب المعتزلة، ولا يسلكون في التشبيه طرق المجسمة من مشارق الأرض ومغاربها، ليتسلوه بالأسوة معهم في هذه المسماة، بما يسوءهم من اللعن والقمع في هذه الدولة المنصورة، يثبتها الله تعالى إن شاء، ونحن نرجوا عثوره عن قريب، على ما قصدوا وقوعه على ما أرادوا، ليستدرك بتوفيق الله عز وجل ما يدر منه فيما ألقي إليه، ويأمر بعزل من زور عليه، وقيح صورة الأئمة بين يدين، وكأنه خفي عليه أدام الله تعالى عزه حال شيخنا أبي الحسن الأشعري رحمه الله تعالى ورضوانه وما يرجع إليه من شرف الأصل وكبر المحل في العلم والفضل، وكثرة الأصحاب من الحنفية والمالكية والشافعية الذين رغبوا في علم الأصول، وأحبوا معرفة أوائل العقول. وفضائل الشيخ أبي الحسن الأشعري ومناقبه أكثر من أن يمكن حصرها في هذه الرسالة، لما في الإطالة من خشية الملالة.