البصري، نزيل مكة، روى عن إسحاق الزعفراني. وخلق كثير، وجمع وصنف، ورحل إليه.
وفيها توفي الفقيه الإمام الكبير أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد المروزي، إمام عصره في الفتوى والتدريس، أخذ الفقه عن أبي العباس بن سريج، وبرع فيه، وانتهت إليه الرئاسة بالعراق بعد ابن شريح، وصنف كتباً كثيرة وشرح مختصر المزني وأقام ببغداد زمناً طويلاً يدرس ويفتي، ونجب من أصحابه خلق كثير، وإليه ينسب درب المروزي ببغداد. ثم ارتحل إلى مصر في آخر عمره، فأدركه أجله فيها، ودفن بالقرب من تربة الإمام الشافعي.
وفيها توفي العلامة شيخ الحنفية بما وراء النهر، أبو محمد عبد الله بن محمد البخاري، وكان محدثاً رأساً في الفقه، صنف التصانيف. وقال الحاكم: هو صاحب عجائب عن الثقات، وقال أبو زرعة: هو ضعيف.
وفيها توفي أبو القاسم الزجاجي، عبد الرحمن بن إسحاق النهاوندي، صاحب التصانيف، أخذ عن اليزيدي وابن دريد وابن الأنباري، وصحب أبا إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج، وإليه نسب، وبه عرف. وسكن دمشق، وانتفع به الناس، وانتفع بكتابه خلق لا يحصون.
فقيل: إنه جاور بمكة مئة، كان إذا قرع الباب طاف أسبوعاً، ودعا بالمغفرة، وأن ينتفع بكتابه قارئه. قلت: وأخبرني بعض فضلاء المغاربة أن عندهم لكتابه مائة وعشرين شرحاً، قال ابن خلكان: وهو كتاب نافع، لولا طوله بكثرة الأمثلة.
قلت: ولعمري إن كتابين قد عظم النفع بهما، مع وضوح عبارتهما، وكثرة أمثلتهما، وهما " جمل الزجاجي " المذكور، و " الكافي في الفرائض " للصروفي، من أهل اليمن رضي الله تعالى عنه، هما كتابان مباركان ما اشتغل أحد بهما إلا انتفع خصوصاً أهل اليمن بكتاب الكافي المذكور، وبالجمل في بلاد الإسلام على العموم، وما ذكر عن مصنفه من الطواف والدعاء قد ذكر عن غير واحد من المصنفين، ومنهم الإمام الشيخ شهاب الدين السهروردي في تصنيف عقيدته، وبعضهم جعل الصلاة عوضاً عن الطواف بعد كل مسألة، على ما قيل.
ومنهم الإمام الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في كتابه التنبيه، والله أعلم بصحة ذلك عنهم ولعمري إن صح ذلك وهو من الهمم العالية في الاهتمام بصلاح الدين، والنفع العام للمسلمين، والتوفيق الخاص من رب العالمين.
توفي الزجاجي رحمه الله في شهر رمضان، وقيل في رجب في طبرية، وقيل في