وفيها توفي الحاكم أبو عبيد الله وفي ست وستين عند السمعاني، وفي ست وثلاثين عند الشيخ أبي إسحاق الشيرازي.
وفيها توفي الإمام النحرير الفاضل الشهير المعروف بالقفال الكبير، الشاشي، الفقيه الشافعي، إمام عصره بلا منازع، وفريد دهره بلا مدافع، صاحب المصنفات المفيدة والطريقة الحميدة. كان فقيهاً محدثاً أصولياً لغوياً شاعراً، لم يكن بما وراء النهر للشافعيين مثله في وقته، رحل إلى خراسان والعراق والحجاز والشام والثغور، وأخذ الفقه عن ابن سريج، وهو أول من صنف الجدل الحسن من الفقهاء، وله كتاب في أصول الفقه، وله شرح الرسالة، وعنه انتشر مذهب الشافعي في بلاده روى عن أكابر من العلماء. منهم: الإمامان الكبيران محمد بن جرير الطبري، وإمام الأئمة محمد بن خزيمة وأقرانهما، وروى عنه جماعة من الكبار، منهم: الحاكم، وأبو عبد الله بن منذر، وأبو عبد الرحمن السلمي وغيرهم.
قلت وهذا القفال الشاشي المذكور، قد يثبه على بعض الناس بقفال وشاشي آخرين، وها أنا ذا أوضح ذلك أيضاً بالغاً مما أوضحت ذلك في نظيره في الثلاثة النحويين المسمين بالأخفش.
اعلم أنهم ثلاثة قفال شاشي: وهو هذا، وقد ذكرنا عن من أخذ ومن أخذ عنه، وهو والد القاسم صاحب كتاب " التقريب "، وقيل إنه صاحب " كتاب التقريب " لا ولده، وللشك في ذلك يقال: قال صاحب التقريب، وأبو حامد الغزالي قال في كتاب الرهن: لما ذكر صاحب التقريب قال: أبو القاسم، فغلطوه في ذلك وقالوا: صوابه القاسم، والتقريب المذكور قليل الوجود في أيدي الناس، وهناك تقريب آخر يكثر وجوده في أيدي الناس، وهو لسليم، وبه تخرج فقهاء خراسان. والشاشي بشينين معجمتين بينهما ألف نسبة إلى الشاش مدينة وراء النهر سيحون - خرج منها جماعة من العلماء.
وإذا علم أن القفال هو الشاشي، فاعلم أن هناك قفالاً آخر شاشي وشاشياً، غير قفال. وثلاثتهم يكنون بأبي بكر، ويشترك اثنان منهم في اسمهما دون اسم أبيهما، واثنان في اسم أبيهما. فالقفال غير الشاشي هو القفال المروزي، وهو عبد الله بن أحمد، وعنه أخذ القاضي حسين والشيخ أبو محمد الجويني وولده إمام الحرمين. وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى في سنة سبع عشرة وأربع مائة.